مسلك العدلية من تبعية الأحكام لهما (الثانية) بحسب المنتهى يعنى مرحلة الامتثال حيث لا يقدر المكلف على امتثال الوجوب و الحرمة المجعولين لفعل واحد في زمن واحد كما انه لا يمكن اجتماعهما فيه بحسب المبدأ فان المصلحة الملزمة مضادة للمفسدة كذلك فلا يعقل اجتماعهما في فعل واحد. و على ضوء ذلك قد قلنا انه لا تنافي بين الحكم الظاهري و الحكم الواقعي أصلا لا في نفسه و لا من ناحية المبدأ، و لا من ناحية المنتهى، اما الأول فلما عرفت من عدم التنافي بين الأحكام في أنفسها. و اما الثاني فلان الحكم الظاهري لم ينشأ عن المصلحة في متعلقه و انما نشاء عن المصلحة في نفسه. و اما الثالث فلان الحكم الظاهري انما هو وظيفة من لم يصل إليه الحكم الواقع ي لا بعلم وجداني و لا بعلم تعبدي، و اما من وصل إليه الحكم الواقعي فلا موضوع عندئذ للحكم الظاهري في مادته فلا يجتمعان في مرحلة الامتثال لكي تقع المنافاة بينهما في هذه المرحلة. و على الجملة ففي موارد وجود الحكم الظاهري لا يجب على المكلف امتثال الحكم الواقعي، و في موارد وجوب امتثاله لا حكم ظاهري في البين. فالنتيجة: هي انه لا تنافي بين الحكم الظاهري و الحكم الواقعي أصلا، و عليه فالالتزام بوجود الحكم الظاهري في موارد قاعدة الطهارة و الحلية لا ينافى الالتزام بثبوت الحكم الواقعي في مواردهما أيضا، بل لا مناص من الالتزام بذلك بعد بطلان التصويب و الانقلاب بكافة اشكاله و ألوانه كما حققناه في محله. و على ضوء هذا الأساس فلو صلى المكلف مع طهارة البدن أو الثياب ظاهراً بمقتضى قاعدة الطهارة أو استصحابها و كان في الواقع نجساً فصلاته و ان كانت في الظاهر محكومة بالصحّة و يترتب عليها آثارها الا انها باطلة في الواقع، لوقوعها في النجس، و عليه فإذا انكشف الخلاف انكشف انها فاقدة للشرط من الأول و انه لم يأت بالصلاة المأمور بها واقعاً، و ان ما