المعنى الأول بحيث تحتاج إرادة المعنى الثاني منها إلى قرينة تدل عليها، أو ظاهرة في المعنى الثاني و تحتاج إرادة المعنى الأول إلى قرينة، أو في الجامع بينهما و تحتاج إرادة كل منهما إلى قرينة أو فيهما على نحو الاشتراك اللفظي وجوه و أقوال: قد اختار المحقق صاحب الكفاية (قده) القول الأول بدعوى أن صيغة الأمر حقيقة في الوجوب و مجاز في غيره و استدل على ذلك بان المتبادر منها عرفاً عند إطلاقها و تجردها عن القرينة المقالية و الحالية هي الوجوب و من الطبيعي ان التبادر المستند إلى نفس اللفظ علامة الحقيقة، فلو كانت حقيقة في الندب أو مشتركة لفظية أو معنوية لم يتبادر الوجوب منها. ثم أيد ذلك بقيام السيرة العقلائية على ذم الموالي عبيدهم عند مخالفتهم لامتثال أوامرهم، و عدم صحة الاعتذار عن المخالفة باحتمال إرادة الندب، مع الاعتراف بعدم دلالتها عليه بحال أو مقال. ثم أورد على نفسه بكثرة استعمال الصيغة في الندب، و هي مانعة عن ظهورها في الوجوب و تبادره منها، لوضوح انها لو لم تكن موجبة لظهورها فيه فلا شبهة في انها مانعة عن انفهام الوجوب منها، فاذن لا يمكن حملها عليه عند إطلاقها مجردة عن القرينة. و أجاب عن ذلك أولا بان استعمالها في الندب لا يزيد على استعمالها في الوجوب، لتكون كثرة الاستعمال فيه مانعة عن ظهورها في الوجوب. و ثانياً ان كثرة استعمال اللفظ في المعنى المجازي مع القرينة لا تمنع عن حمله على المعنى الحقيقي عند إطلاقه مجرداً عنها، و ما نحن فيه كذلك، فان كثرة استعمال الصيغة في الندب مع القرينة لا تمنع عن حملها على الوجوب إذا كانت خالية عنها. ثم استشهد على ذلك بكثرة استعمال العام في الخاصّ حتى قيل ما من عام و الا و قد خص، و مع هذه الكثرة لا ينثلم ظهور العام في العموم إذا ورد في الكتاب