المؤدى أو تخالفا ،
لان الأصل السببي رافع لموضوع الأصل المسببي ، كما يأتي بيانه
سبق علمه بمنجز آخر
رتبة ، ومن المعلوم : أن إثبات هذه الجهة لا يمكن إلا بفرض كون العلم الاجمالي
بنجاسة الملاقي ( بالكسر ) ناشئا عن العلم بالملاقات مع طرف العلم بالنجاسة في
البين ، وإلا فلو فرض العلم بنجاسة المتلاقيين من الأول من غير جهة الملاقاة ، ولو
بمثل إخبار معصوم أو شيء آخر مفيد لليقين بنجاستهما ، ثم علم بأن منشأ النجاسة في
الملاقي ( بالكسر ) ملاقاته مع الملاقى ( بالفتح ) فالعلم الاجمالي بنجاسة الملاقي
( بالكسر ) لا يكون مسبوقا بالعلم الآخر ، بل هما في عرض واحد ، كما لو علم بنجاسة
الملاقي ( بالكسر ) مع الطرف الآخر ، ثم علم بنجاسة الملاقى ( بالفتح ) من قبل
العلم بملاقاته مع الآخر ، فلا محيص في مثل هذه الصورة العلم بين المسبب والطرف
سابقا عن العلم بالسبب والطرف ، عكس الصورة الأولى ، ففي مثل هذا يكون التنجز
منحصرا بالمسبب دون السبب ، عكس السابق.
كما أن في الصورة الثانية كان
العلمان في رتبة واحدة بلا سبق لأحدهما على الآخر رتبة ، فلا موجب لتنجز الملاقى
والطرف بلا تنجز الملاقي ( بالكسر ) مع كونه أيضا طرفا لهذا العلم.
وتوهم : أن مدار تأثير العلم
في التنجز على سبق المعلوم ولحوقه لا على سبق العلم ، كلام ظاهري ، إذ بعد الجزم
بأن التكليف ـ في أي وقت أو مرتبة كان ـ لا يعقل أن يتنجز إلا في ظرف تعلق العلم
به ، بحيث يستحيل أن يؤثر العلم في تنجز المعلوم قبل تحققه ، فمن حين تحقق العلم
يلاحظ بأنه إن كان العلم المزبور قام على طرفه منجز سابق أو مقارن يخرج العلم
المزبور عن المنجزية ، وإلا يبقى منجزا لمعلومه ، وحينئذ إذا فرض كون العلم بالسبب
ناشئا عن العلم بالمسبب ، يستحيل تأثير العلم بالسبب لسبقه بالمنجز بحسب الرتبة ،
ومجرد سبق المعلوم رتبة كيف يجدي في قلب العلم أو تأثيره في التنجز في المرتبة
السابقة؟.
وتوهم : أن العلم من عوارض
المعلوم فمع سبق المعلوم قهرا يسبق علمه عن العلم بمسببه ، مدفوع غاية الدفع ، إذ
مجرد سبق شيء في الوجود الخارجي على شيء لا يقتضي سبق علمه ، لعدم كون العلم من
عوارض الوجود خارجا ، وإنما ظرف عروضه الذهن ، غاية الامر بما هو منظور خارجيا ،
لا الخارج ، ومن البديهي أن السبق في الوجود لا يقتضي السبق في عالم التصور ، ولذا
ربما يصير العلم بالمعلول علة للعلم بالعلة بلا انقلاب العلمين عما هما عليه من
العلية والمعلولية ، وحيث كان كذلك ، فلا وقع لهذا الكلام : من أن المدار في سبق
التنجز على سبق المعلوم لا العلم. والعجب من مثل هذا المقرر! حيث إنه يجري الأصل
في طرف واحد بلا معارض ، ومثله لا يحتاج إلى إثبات سبق العلم بمنجز آخر ، بل يكفيه
مجرد سبق المعلوم رتبة في جريان الأصل في المسبب بلا معارض ، ولا داعي له على
إثبات عدم سبق لعلم بمنجز آخر أو سبقه ، كي يلتزم بمثل هذا المحذور وصدور هذه
الكلمات قبال استاذنا الأعظم