عليه بين أصحابك ،
فيؤخذ به من حكمهما ، ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فان الجمع عليه لا
ريب فيه » إلى أن قال : « قلت : فان كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات
عنكم؟ قال عليهالسلام ينظر ما
وافق حكمه حكم الكتاب والسنة وخالف العامة ويترك ما خالف الكتاب والسنة ووافق
العامة ، قلت : جعلت فداك! أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة
فوجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا بأي الخبرين يؤخذ؟ قال عليهالسلام ما خالف العامة ففيه الرشاد ، قلت :
جعلت فداك! فان وافقهما الخبران جميعا؟ قال عليهالسلام
ينظر إلى ما هم أميل إليه حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر ، قلت : فان وافق
حكامهم الخبرين جميعا؟ قال : إذا كان ذلك فارجه حتى تلقى إمامك ، فان الوقوف عند
الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات » [١].
وظهور هذه الرواية الشريفة في وجوب
ترجيح أحد المتعارضين بهذه المزايا مما لا يكاد يخفى.
والاشكال عليها : بأن موردها اختلاف
الحكمين في مستند حكمهما وفي مثله لابد من الترجيح ، لعدم قطع الخصومة بالتخيير ـ
كما تقدم ـ فلا تعم الرواية موارد تعارض الروايات في مقام الفتوى [٢]
[١] الوسائل : الباب
٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١ مع اختلاف في بعض الألفاظ.
[٢] أقول : عمدة
الاشكال على الرواية ، هو ان في مقام تعارض الحكمين لا معنى للترجيح في مدركهما ،
بل الحاكم بعدما اخذ بالرواية وحكم في الواقعة على وفق رأيه في الشبهات الحكمية
لابد وان يتبع هذا الحكم ، ومع تعارضه بحكم آخر يرجح أحد الحكمين بأعلمية الحاكم
وأعدليته وأوثقيته ، ولا مجال حينئذ لترجيح مدرك أحد الحكمين على مدرك الآخر ، إذ
لا يكون المرجع في الواقعة بالنسبة إلى مجتهد آخر ـ فضلا عن المقلد ـ عند صدور حكم
الحاكم إلا الحكم ، لأنه نقيض الفتوى ، فمهما كان الحكم ثابتا ـ ولو بترجيح الحكم
بمرجحات الحاكم ـ لا مجال لرجوع المجتهد الثالث إلى مدرك الحكم