الآخر عدم وجوبه أو
حرمته ، ففي اندراج التعارض على هذا الوجه في صغرى التزاحم والقول بالتخيير في
الاخذ بأحدهما إشكال بل منع ، لان أقصى ما تقتضيه الامارة هو أن تكون من العناوين
الثانوية المغيرة لحسن الشيء وقبحه ، وتوارد العناوين الثانوية على متعلق واحد لا
يقتضي التخيير ، ألا ترى؟ أنه لو نذر الشخص فعل شيء ونذر وكيله ـ بناء على صحة
الوكالة في النذر ـ ترك الشيء لا يمكن القول بالتخيير في اختيار نذره أو نذر وكيله
، بحيث تلزمه الكفارة لو اختار أحدهما وخالفه ، بل لا محيص من سقوط كل من نذر نفسه
ونذر وكيله ، ويرجع متعلق النذر إلى ما كان عليه قبل النذر ، فليكن حال الامارة
المتعارضة في متعلق واحد بناء على القول بالسببية فيها حال النذر في التساقط.
والذي يسهل الخطب بطلان أصل المبنى وفساده ، هذا إذا قلنا بالسببية التصويبية.
وإن قلنا بالسببية المخطئة : ففي اندراج
الامارات المتعارضة في صغرى
الامارة تارة :
قائمة بالذات مطلقا ، وأخرى : قائمة مشروطا بالأخذ بهذه الامارة. كما أن في
الامارة القائمة على الإباحة تارة ، تكون الامارة موجبة لقيام مصلحة فيه مقتضية
للترخيص فيه ، وأخرى : موجبة لعرائه عن كونه ذا مصلحة ، كما هو الشأن في الاباحات
اللااقتضائية.
فان كانت موجبة لقيام المصلحة
في المتعلق : فمع وحدة الموضوع وإطلاق المصلحة لا شبهة في تزاحم المقتضيين في أصل
تشريع الحكم الفعلي على وفقه ، فمع التساوي ـ كما في المقام ـ ينتج الإباحة بمعنى
التخيير بين الفعل والترك ، ومع مزية أحدهما فرضا ينشأ الحكم على وفقه ، وربما
ينتهي إلى إنشاء الأحكام الخمسة. ومع تقيد المصلحة بالأخذ به في مقام العمل فلا
شبهة في أن تساوي المصلحتين ـ كما هو الشأن في المقام ـ يقتضي عقلا التخيير عقلا
في مقام العمل بالأخذ باي واحد منهما ، إذ لا يمكن الاخذ بكليهما. ومع تزاحم الخبرين
في اقتضاء المصلحة واقتضاء عدمها ـ كما في التعارض بين الوجوب والإباحة ـ فمع
إطلاقهما ينتج الإباحة اللااقتضائية ، ومع اشتراطهما بالأخذ كان أيضا مخيرا بين
الاخذ بذي المصلحة فيصير واجبا وبين الاخذ بالامارة الدالة على الإباحة فيصير
مباحا لا اقتضائيا في حقه ، كما لا يخفى.