العموم المطلق إذا
قام دليل ثالث على إخراج مادة افتراق أحدهما عن الآخر وأخرى : تنقلب النسبة إلى
التباين إذا كان مفاد الدليل الثالث إخراج مادة الاجتماع [١].
الصورة
الخامسة : ما إذا ورد دليلان متعارضان بالتباين ،
فقد يرد دليل آخر يوجب انقلاب النسبة من التباين إلى العموم المطلق ، وقد يوجب
انقلابها إلى العموم من وجه.
فالأول : كقوله : « أكرم العلماء »
وقوله : « لا تكرم العلماء » ثم ورد دليل ثالث وأخرج عدول العلماء عن قوله : « لا
تكرم العلماء » فتنقلب النسبة بينه وبين قوله : « أكرم العلماء » إلى العموم
المطلق. ومن هذا القبيل الأدلة الواردة في إرث الزوجة ، فان منها ما تدل على أنها
ترث من العقار مطلقا ، ومنها ما تدل على عدم إرثها مطلقا ، ومنها ما تدل على إرثها
إن كانت أم ولد.
والثاني : ما إذا ورد دليل رابع في
المثال وخص قوله : « أكرم العلماء » بالفقهاء ، فان النسبة بين قوله : « أكرم
العلماء » بعد تخصيصه بالفقهاء وبين قوله : « لا تكرم العلماء » بعد تخصيصه بما
عدا العدول ، هي العموم من وجه.
هذا كله في انقلاب النسبة بين الدليلين.
ومنه يظهر : انقلاب النسبة بين أكثر من دليلين ، كقوله : « أكرم العلماء » و « لا
تكرم الفساق » و « يستحب إكرام الشعراء » فان النسبة بين الأدلة الثلاثة هي العموم
من وجه. فقد تنقلب إلى التباين ، كما إذا ورد دليل وأخرج مورد الاجتماع ـ وهو
العالم الفاسق الشاعر ـ عن مفاد الأدلة الثلاثة ، فتنقلب النسبة بين الأدلة إلى التباين
بلا معارضة. وقد تنقلب النسبة إلى العموم المطلق ، كما إذا أخرج الدليل الرابع
مورد الافتراق عن أحد الأدلة الثلاثة ، فتصير النسبة بينه وبين الآخرين العموم
[١] أقول : قد عرفت
انقلاب هذه النسبة لا يكون مدارا في العمل أصلا.