الصورة
الثانية : ما إذا ورد عام وخاصان مع كون النسبة
بين الخاصين العموم المطلق ، كقوله : « أكر العلماء » و « لا تكرم النحويين منهم »
و « لا تكرم الكوفيين من النحويين ». وحكم هذا القسم حكم القسم السابق : من وجوب
تخصيص العام بكل من الخاصين إن لم يلزم التخصيص المستهجن أو بقاء العام بلا مورد ،
وإلا فيعامل مع العام ومجموع الخاصين معاملة التعارض.
وقد يتوهم في هذا القسم : أن العام يخصص
بأخص الخاصين ، وبعد ذلك تلاحظ النسبة بين الباقي تحت العام وبين الخاص الآخر ،
فقد تنقلب النسبة إلى العموم من وجه بعدما كانت قبل تخصيص العام بأخص الخاصين
العموم المطلق ـ كالمثال ـ فإنه بعد تخصيص قوله : « أكرم العلماء » بما عدا
الكوفيين من النحويين ـ الذي هو أخص الخاصين ـ تصير النسبة بينه وبين قوله : « لا
تكرم النحويين » العموم من وجه ، لان النحوي يعم الكوفي وغيره ، والعالم الغير
الكوفي يعم النحوي وغيره ، فيتعارضان في العالم النحوي غير الكوفي.
هذا ، ولكن لا يخفى فساد التوهم ، فإنه
لا وجه لتخصيص العام بأخص الخاصين أولا ، ثم تلاحظ النسبة بين الباقي تحت العام
وبين الخاص الآخر ، مع أن نسبة العام إلى كل من الخاصين على حد سواء ، فاللازم
تخصيص العام بكل منهما دفعة واحدة إن لم يلزم منه المحذور المتقدم ، وإلا فيقع
التعارض بينه وبين مجموع الخاصين.
نعم : لو كان أخص الخاصين متصلا بالعام
كانت النسبة بين العام المتصل به الأخص وبين الخاص الآخر العموم من وجه ، كما ورد
في المثال قوله : « أكرم العلماء غير الكوفيين من النحويين » فان النسبة بينه وبين
قوله : « لا تكرم النحويين » العموم من وجه ، لان النسبة إنما تلاحظ بين الكلامين
بما لهما من الخصوصيات المحتفة بهما ، فان لحاظ النسبة إنما يكون بين الظهورات