فمن الموارد التي
تندرج في النصوصية :
ما إذا كان أحد الدليلين أخص من الآخر وكان نصا في مدلوله قطعي الدلالة ، فإنه
يوجب التصرف في العام ورودا أو حكومة ، على التفصيل المتقدم.
ومنها
: ما إذا كان لاحد الدليلين قدر متيقن في
مقام التخاطب [١]
فان القدر المتيقن في مقام التخاطب وإن كان لا ينفع في مقام تقييد الاطلاق ما لم
يصل إلى حد يوجب انصراف المطلق إلى المقيد ـ كما تقدم تفصيله في مبحث المطلق
والمقيد ـ إلا أن وجود القدر المتيقن ينفع في مقام رفع التعارض عن الدليلين ، فان
الدليل يكون كالنص في القدر المتيقن ، فيصلح لان يكون قرينة على التصرف في الدليل
الآخر ، مثلا لو كان مفاد أحد الدليلين وجوب إكرام العلماء ، وكان مفاد الآخر حرمة
إكرام الفساق ، وعلم من حال الآمر أنه يبغض العالم الفاسق ويكرهه أشد كراهة من
الفاسق الغير العالم ، فالعالم الفاسق متيقن الاندراج في عموم قوله : « لا تكرم
الفساق » ويكون بمنزلة التصريح بحرمة إكرام العالم الفاسق ، فلابد من تخصيص قوله :
« لا تكرم العلماء » بما عدا الفساق منهم.
ومنها
: ما إذا كانت أفراد أحد العامين من وجه
بمرتبة من القلة بحيث لو خصص بما عدا مورد الاجتماع مع العام الآخر يلزم التخصيص
المستهجن ، فيجمع بين الدليلين بتخصيص مالا يلزم منه التخصيص المستهجن وإبقاء ما
يلزم منه ذلك على حاله ، لان العام يكون نصا في المقدار الذي يلزم من خروجه عنه
[١] أقول : في
النصوصية لا يحتاج إلى كونه قدرا متيقنا في التخاطب ، بل لو كان متيقنا عقلا يكفي
في عدم قابلية التصرف فيه ، لأنه ينتهي إلى استيعاب التخصيص المستهجن دون غيره ،
فإنه يصير حينئذ هذا المقدار متيقن الإرادة من اللفظ ، بحيث لا يبقى مجال التصرف
فيه ، فقهرا يتصرف في غيره. والظاهر أن ما ذكر من المثال أيضا يساعد ما ذكرنا بناء
على معلومية حاله بالقرائن الخارجية ، بلا كون هذا المقدار من القرائن الحافة
بالكلام المنشأ لاستفادة هذا المقدار من اللفظ بالنصوصية ، كما لا يخفى.