وقد أطال الشيخ قدسسره الكلام في حديث « كل شيء مطلق حتى يرد
فيه نهي » [١]
مع أنه لا يحتاج إلى هذا التطويل ، فان المراد من قوله عليهالسلام « حتى يرد فيه نهي » إن كان هو الورود
من قبل الله ( تعالى ) بالوحي إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
كان مفاد الحديث مفاد سائر العمومات الاجتهادية ، نظير قوله تعالى : « وأحل لكم ما في الأرض
جميعا » [٢]
فيكون أجنبيا عن أدلة أصالة البراءة ، بل ينبغي عده من أدلة أصالة الإباحة ردا على
من قال بأصالة الحظر قبل الشرع. وإن كان المراد من « الورود » الوصول والعلم
بالنهي كان المراد من « الشيء » الشيء المشكوك ، فيكون مفاده مفاد سائر أدلة
البراءة ولا خصوصية للحديث المبارك ، وقد عرفت : أن الاستصحاب باعتبار إحرازه يكون
رافعا لموضوعها. وقد تكرر منا الكلام في تفصيل ذلك [٣].
ـ الامر السادس ـ
في تعارض الاستصحابين.
وتفصيل الكلام في ذلك : هو أن الشك في
بقاء أحد المستصحبين إما يكون مسببا عن الشك في بقاء المستصحب الآخر وإما أن يكون
الشك في بقاء كل من المستصحبين مسببا عن أمر ثالث ، ولا يمكن أن يكون الشك في كل
منهما مسببا عن الآخر ، فإنه لا يعقل أن تكون علة الشيء معلوله. وما قيل : من أن
الشك في عموم كل من العامين من وجه مسبب عن
[٢] قد تكرر منه رحمهالله الاستشهاد بهذه الآية ، ولم نعثر عليها
، والظاهر أنه سهو منه ( المصحح ).
[٣] أقول : قد تقدم
أن البيان الذي صدر منه لتحكيم الاستصحاب غير تام بالنسبة إلى ما اخذت المعرفة
غاية له ، كأصالة الحلية والطهارة : فلا محيص في تحكيمه عليها أيضا بما ذكرنا من
البيان.