والحاصل : أن أصالة الصحة إنما تكون
حاكمة على خصوص أصالة عدم النقل والانتقال وبقاء المال على ملك مالكه ، فإذا لم
يكن في مورد الشك إلا أصل عدم الانتقال كانت أصالة الصحة حاكمة عليه. وأما إذا كان
في مورد الشك أصل موضوعي آخر يقتضي الفساد ـ كأصالة عدم بلوغ العاقد أو عدم قابلية
المال للنقل والانتقال ـ فلا تجري فيه أصالة الصحة.
الثالث
: حكومتها على كل أصل يقتضي فساد العقد ،
إلا إذا كان الشك في الصحة والفساد مسببا عن الشك في الشرائط العرفية للعوضين أو
المتعاقدين ، كمالية العوضين ورشد المتعاقدين في الجملة.
وقد يختلف بعض الشروط حسب اختلاف العقود
، فرب شرط يكون من الشرائط العرفية لعقد ومن الشرائط الشرعية لعقد آخر ، كالبلوغ ،
فإنه في عقد الضمان يمكن أن يقال : إن البلوغ من الشرائط العرفية للضامن ، بخلاف
عقد البيع. والسر في ذلك : هو أن حقيقة الضمان إنما هو تحويل ما في الذمم وانتقال
المال من ذمة إلى ذمة ، والعرف لا يرى للصبي ذمة ، فكان البلوغ من الشرائط العرفية
في عقد الضمان ، بخلاف البيع ، فان حقيقته هو المبادلة بين المالين ولو كان المبيع
أو الثمن كليا ، نعم : لازم كون أحدهما كليا هو اشتغال الذمة به ، والبلوغ لا يكون
من الشرائط العرفية للمبادلة بين المالين. ولعل هذا هو الوجه في تفرقه بعض الأصحاب
بين دعوى البلوغ في عقد الضمان وبين دعوى البلوغ في عقد البيع ، حيث بنوا على
تقديم قول من يدعي عدم البلوغ في الأول لأصالة عدمه ، وتقديم قوله من يدعي البلوغ
في الثاني لأصالة الصحة ، فتأمل.
ثم إن قول المحقق الثاني قدسسره « إن الأصل في العقود الصحة بعد
استكمال أركانها » إلى آخر ما نقله الشيخ قدسسره
يحتمل فيه أحد الوجهين الأخيرين ، فان كان المراد من الأركان الأعم من الشرايط
العرفية والشرعية ينطبق على الوجه الثاني ، وإن كان المراد من الأركان خصوص
الشرائط