الشارع في مقام بيان
ضرب قاعدة كلية للشك في الشيء بعد التجاوز عنه ، خصوصا مع تقارب التعبيرات الواردة
في الاخبار [١]
فان من أعطاها حق التأمل لا يكاد يشك في وحدة الكبرى المجعولة الشرعية وهي عدم
الاعتناء والالتفات إلى المشكوك فيه بعد التجاوز عن محله مطلقا أي شيء كان المشكوك
فيه ، ففي مقام إعطاء القاعدة لم يلاحظ الشارع إلا ما صدق عليه عنوان « الشيء » من
غير فرق بين الجزء والكل ، غايته أن الشك في الكل يكون بنفسه صغرى للكبرى المجعولة
الشرعية بلا عناية ، وأما الشك في الجزء : فهو إنما يكون صغرى لها بعناية التعبد
والتنزيل ، يعني أن الشارع نزل الشك في الجزء في باب الصلاة
نعم : يرد عليه إشكال لزوم
تخصيص المورد ، فلا محيص من علاجه ، وسيجئ أيضا بيانه. وعلى اي حال : الاخبار بين
الشك في ذات الوجود فهي مختصه بالاجزاء ، وبين الشك في صحة الموجود فهو مختص بماله
جهة صحة وفساد بلحاظ فقد قيد أو شرط أو جزء ، وأما الشك في ذات الكل أو الشك في
وجود الصحيح : فلا يستفاد من هذه الأخبار شيء وحينئذ لا مجال لاخذ الجامع بين الكل
والجزء كي يحتاج إلى عناية ، مع أنه تصح بلا تكلف عناية ولا تنزيل ، كما أشرنا.
[١] منها : رواية
زرارة ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام
رجل شك في الاذان وقد دخل في الإقامة؟ قال عليهالسلام
يمضي ، قلت : رجل شك في الأذان والإقامة وقد كبر؟ قال عليهالسلام يمضي ، قلت : رجل شك في التكبير وقد
قرأ؟ قال : يمضي ، قلت : شك في القراءة وقد ركع؟ قال : يمضي ، قلت : شك في الركوع
وقد سجد؟ قال عليهالسلام
ـ يمضي في صلاته ، ثم قال عليهالسلام
يا زرارة! إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشئ.
ومنها : رواية إسماعيل بن
جابر ، قال : قال أبو جعفر عليهالسلام إن شك في الركوع بعدما سجد فليمض ، وإن شك في السجود بعدما قام فليمض ،
كل شيء شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه.
ومنها : موثقة ابن بكير عن
محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال عليهالسلام كلما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو.
ومنها : موثقة ابن أبي يعفور
: إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره ، فليس شكك بشيء ، إنما الشك إذا
كنت في شيء لم تجزه.