وأما من جهة المتيقن : فلان المتيقن في
الاستصحاب لابد وأن يكون معرى عن الزمان غير مقيد به ، وفي القاعدة لابد من لحاظه
مقيدا بالزمان ، لان مفاد القاعدة إنما هو عدم نقض المتيقن في الزمان الذي تعلق
اليقين به ، فلو تعلق اليقين بعدالة زيد في يوم الجمعة وفي يوم السبت شك في عدالته
في يوم الجمعة ، فمعنى عدم نقض اليقين بالشك : هو عدم نقض اليقين بعدالة زيد في
يوم الجمعة بالشك فها ، فلابد في القاعدة من لحاظ زمان حصول اليقين في الحكم بعدم
انتقاض المتيقن في ذلك الزمان ، بخلاف الاستصحاب ، فإنه لا يلاحظ فيه زمان حصول
اليقين.
وأما من جهة النقض : فلان نقض اليقين في
الاستصحاب إنما يكون باعتبار ما يقتضيه اليقين من الجري العملي على طبق المتيقن ،
وفي القاعدة إنما يكون باعتبار نفس اليقين ، وذلك من لوازم لحاظ اليقين موضوعا أو
طريقا.
وأما من جهة الحكم : فلان الحكم المجعول
في القاعدة إنما هو البناء العملي على ثبوت المتيقن في زمان اليقين ، وفي
الاستصحاب هو النباء العملي على ثبوت المتيقن في زمان الشك.
فالقاعدة تباين الاستصحاب من كل جهة من
هذه الجهات الأربع ، فلا يمكن أن يعمهما أخبار الباب ، بل لابد وأن تكون الاخبار
متكفلة لاعتبار أحدهما ، وحيث إن موردها لا ينطبق على القاعدة فلابد وأن تكون متكفلة
لاعتبار الاستصحاب [١]
فالقائل باعتبار القاعدة لابد من أن يلتمس دليلا آخر
كونه فعليا في ظرف
الحكم بالتعبد بحرمة نقضه ، وهذا مختص بالاستصحاب ولا يجري في القاعدة ، اللهم إلا
ان يقال : ان ظهوره من هذه الجهة معارض بظهور النقض في الحقيقة ، ولازم هذا الظهور
حمله على القاعدة. نعم : الذي يسهل الخطب تطبيق الامام عليهالسلام إياه على الاستصحاب.
[١] أقول : ولعمري!
إنه لا يفي شيء مما أفيد لمنع الجامع ، إذ هي بين ما لا يتم وبين ما لا يمنع عنه ،
فتدبر فيما قلنا تعرف.