وجه الدفع ، هو ما عرفت : من أن المراد
من الرافع في محل البحث هو ما يقابل المانع ، لا ما يقابل المقتضي [١] وحينئذ تظهر الثمرة بين أخذ الموضوع من
العقل أو من العرف أو من الدليل ، فإنه لو شك في بقاء النجاسة في الماء المتغير
الزائل عنه التغير لا يجري الاستصحاب لو بنينا على اعتبار بقاء الموضوع عقلا ،
لاحتمال أن يكون لوصف التغير دخل في موضوع النجاسة. وأما لو بنينا على اعتبار بقاء
الموضوع عرفا فالاستصحاب يجري ، لبقاء الموضوع عرفا ، فان موضوع النجاسة ذات الماء
وليس لوصف التغير دخل في الموضوع عرفا. وكذا لو بنينا على اعتبار بقاء الموضوع
بحسب ما يقتضيه ظاهر الدليل ، فإنه يجري فيه الاستصحاب على بعض الوجوه ـ كما سيأتي
بيانه ـ مع أن الشك في بقاء النجاسة في لا يرجع إلى الشك في وجود الرافع المقابل
للمانع ، ولا إلى الشك في المقتضي ، وذلك واضح.
هذا كله إذا كان المعتبر في اتحاد
القضية المشكوكة مع القضية المتيقنة بقاء الموضوع عقلا.
وإذا كان المعتبر في الاتحاد بقاء
الموضوع بحسب ما يقتضيه ظاهر الدليل : فجريان الاستصحاب وعدمه يدور مدار ما يستفاد
من ظاهر الدليل. فان استفيد منه كون الخصوصية التي كان الموضوع واجدا لها من قيود
الموضوع ، فالاستصحاب لا يجري عند زوال تلك الخصوصية. وإن استفيد منه كون الخصوصية
علة لثبوت الحكم وكان منشأ الشك في بقاء الحكم احتمال كونها علة له حدوثا وبقاء ،
فالاستصحاب يجري.
[١] أقول : قد تقدم
ان مرجع الرافع بالمعنى المزبور أيضا إلى كون عدمه قيدا ، وحينئذ لا فرق بين
القيود من تلك الجهة في كون الشك فيها راجعا دقة إلى الشك في الموضوع. نعم : لو
كان عدمه مأخوذا قيدا في ناحية الحكم لا بأس ببقائه دقة.