من حيث الفرد تارة
والزمان أو المكان أخرى ، فالعموم زمانا ملازم لوجود ما هو مهملة من هذه الجهة في
الزمان الثاني والثالث ، فهذه الوجودات في الأزمنة المتعددة مستفادة من استمرار
الطبيعة ، لا من نفسها.
وحينئذ فالشك تارة ، يتعلق
بأصل الطبيعة التي هي موضوع هذا الاستمرار وكانت مهملة محضة ، وأخرى : يتعلق
بتوسعة وجود المهملة وسرايته بحسب الأزمنة المتمادية. ففي الصورة الأولى : دليل
الاستمرار لا يتكفل لاثبات وجود ، لأنه وارد على الحكم في ظرف الفراغ عن وجوده ،
فلابد حينئذ من إحرازه بدليل آخر متكفل لنفس الحكم. واما الصورة الثانية : فأصل
الحكم بنحو الاهمال محرز بدليله حسب الفرض ، وإنما الشك في سعة الحكم من جهة
الزمان ، ففي هذه الصورة لا يكون المتكفل لرفع هذا الشك إلا دليل الاستمرار بعد
الفراغ عن وجود موضوعه ـ من الطبيعة المهملة ـ بدليل أو قرينة أخرى. وحينئذ فما
أفيد : من أن الاستمرار من قبل المحمول بالنسبة إلى الحكم في غاية المتانة ، ولكن
هذا الموضوع ليس إلا الحكم المهمل والطبيعة المهملة من تلك الجهة ، لا الطبيعة
السارية في ضمن كل وجود في كل زمان ، بل مثل هذا السريان الحاكي عن انبساط وجود
الحكم في كل زمان عين المحمول. وحينئذ يسئل عما أفيد : من أن الشك في التخصيص
الزماني منشأ للشك في نفس الحكم ، بأنه ما المراد من هذا الحكم المشكوك؟.
فان أريد به وجوده المستفاد
من سريان الطبيعة إلى الأزمان ، فرافع هذا الشك لا يكون إلا ما هو متكفل لاثبات العموم
الزماني بلا احتياج إلى دليل آخر ، بل الدليل الآخر غير متكفل لاثباته ، كيف!
وإثباته مستتبع للغوية دليل الاستمرار.
وإن أريد من الحكم المشكوك
الحكم المهمل والطبيعة المهملة التي هو مركز هذا العموم ومعروضه ، فلا شبهة في أن
الشك في استمراره غير ملازم للشك في وجوده ، إذ الدليل المتكفل لاثبات الطبيعة
مفروض الثبوت بنحو لولا هذا العموم لا يكون متكفلا إلا لاثبات الحكم للمورد مهملة
، فهذا العموم الزماني تثبت تعميمه من حيث الزمان.
ولئن شئت توضيح ما ذكرنا ،
فنفرض الكلام في المثال المعروف : من « أوفوا بالعقود » إذ له جهتان : عموم أفرادي
كان شأنه إثبات الحكم لكل فرد من العقد بنحو الاهمال من حيث الزمان ، وعموم زماني
يقتضي تعميم حكم كل فرد من حيث الزمان ، ومن البديهي : أن عمومه الأزماني تبع
عمومه الافرادي ، إذ ما لم تثبت الحكم لكل فرد يستحيل تحقق عموم زماني له ، لأنه وارد
عليه ورود الحكم على موضوعه. ولكن نقول : إن الشك في حكم الفرد تارة : من جهة
احتمال تخصيص العموم الفردي ، ففي مثل ذلك يستحيل على فرض هذا التخصيص ثبوت الحكم
لهذا الفرد في زمان دون