عدم جريان الأصل في معلوم التاريخ
وجريانه في مجهول التاريخ ليس على إطلاقه ، بل قد يجري الأصل في معلوم التاريخ
أيضا ويسقط بالمعارضة مع الأصل الجاري في مجهول التاريخ ، وقد لا يجري الأصل في كل
من معلوم التاريخ ومجهوله ، فالفروض ثلاثة :
الأول
: عدم جريان الأصل في معلوم التاريخ
وجريانه في مجهول التاريخ ، كالأمثلة المتقدمة : من إسلام الوارث وموت المورث ، أو
بيع الراهن ورجوع المرتهن عن الاذن في البيع ، ونحو ذلك من الموضوعات المركبة من
جزئين عدميين أو وجوديين أو مختلفين مع العلم بتاريخ وجود أحد الجزئين ـ كالمثالين
المتقدمين ـ فان موضوع الإرث مركب من إسلام الوارث وموت المورث ، وموضوع نفوذ بيع
الراهن مركب من البيع وعدم رجوع المرتهن عن الاذن ، ففي مثل ذلك الأصل في معلوم
التاريخ لا يجري وفي مجهوله يجري ويترتب عليه الأثر الشرعي حسب اختلاف المقامات.
الفرض
الثاني : جريان الأصل في كل من معلوم التاريخ
ومجهوله [١]
وذلك
[١] أقول :
الاستصحاب في مجهول التاريخ تارة عدمي ، ولقد تقدم شرحه في المثال السابق ، وأخرى
وجودي ، كما في استصحاب الطهارة والحدث ، وفي هذا المقام لا نحتاج إلى جر المستصحب
إلى زمان وجود الآخر أو عدمه كي يحكم العقل بتطبيق المقيد ، بل المقصود استصحاب
وجود كل منهما في حد نفسه.
وحينئذ نقول : إنه لو فرض أنه
ما مضى إلا زمانين نعلم إجمالا بوجود الحالتين فيهما وشك في تقدم أحدهما على الآخر
، ففي هذه الصورة لا شبهة في عدم جريان الاستصحاب في كل منهما ، لان في الزمان
الأول لم يكن يقين بوجود كل منهما ، وفي الزمان الثاني أمر كل واحد منهما مردد بين
الشك في الحدوث أو الارتفاع ، فلم يحرز موضوع الاستصحاب : من الشك في وجود ما
ينطبق عليه البقاء ، فلا محيص حينئذ من فرض زمان ثالث نشك في بقاء كل من الحادثين.