لوجوده ، فالشك في
وجود كل منهما بهذا الاعتبار إنما يكون متصلا باليقين ، فان معنى أخذ زمان أحدهما
ظرفا لوجود الآخر هو لحاظ زمان وجود أحدهما من جملة الأزمنة التي يمكن فرض وجود
الآخر فيها ، ومن المعلوم : أن الأزمنة التي يمكن فرض وجود كل من الحادثين فيها هي
اليوم الثاني واليوم الثالث ، فزمان الشك هو كل من اليومين ، غايته أنه في اليوم
الثاني لم يكن زمان وجود الآخر طرفا للإضافة وفي اليوم الثالث يكون طرفا لها ،
وهذا لا يوجب تفاوتا في ناحية الشك ، ولا يقتضي انفصاله عن اليوم الأول الذي هو
زمان اليقين بعدم حدوث الحادثين ، فالشك في كل من الحادثين يتصل بيقينه ويجري
استصحاب عدم كل منهما من زمان الشك في وجوده إلى زمان وجود الآخر ـ أي من اليوم
الثاني إلى اليوم الثالث ـ فان كان الأثر الشرعي مترتبا على عدم كل منهما في زمان
وجود الآخر ، فاستصحاب عدم كل منهما في زمان وجود الآخر يجري ويسقط بالمعارضة ،
وإن كان الأثر الشرعي مترتبا على عدم أحدهما في زمان وجود الآخر فقط ، فاستصحاب
العدم يجري ويترتب عليه الأثر بلا مزاحم.
وحاصل الكلام : أن المنع عن جريان
استصحاب عدم كل من الحادثين في زمان الآخر إن كان مع أخذ زمان الآخر قيدا للمستصحب
، فالمنع عن جريان الاستصحاب في محله ، ولكن لا لعدم اتصال زمان الشك بزمان اليقين
، بل
الاستصحاب ، لأنه
زمان اليقين بالانتقاض.
فان قلت : إن ما أفيد صحيح
بالنسبة إلى الجر في الأزمنة التفصيلية ، ولنا أن نقول : إنه بالوجدان يشك في بقاء
كل منهما إلى زمان وجود الآخر بنحو الاجمال ، فنجر المتيقن إلى هذا الزمان إجمالا.
قلت : إن المراد من الشك في
البقاء إلى الزمان الاجمالي تارة : الشك في البقاء إلى زمان الشك في انطباق المجمل
عليه ، وأخرى : يكون المراد الشك في بقائه إلى زمان يقطع بانطباق الزمان الاجمالي
عليه ولو إجمالا ، والأول غير مثمر في تطبيق الكبرى على المورد ، والثاني يثمر في
التطبيق ، ولكنه فرع إمكان الجر إلى جميع أطرافه ، ولقد عرفت : أنه لا يمكن الجر
إلى الزمان الثالث الذي هو من الأطراف ، كما لا يخفى.