وأن يكون صورة
ومعروض الشك صورة أخرى ـ وإن كانا متحدين وجودا ـ من دون سرايتهما إلى الخارج كي
يستلزم عروض المتضادين على شيء ووجود واحد ، ومن ذلك نقول : إن مثل العلم وغيره من
الصفات الوجدانية ظرف عروضها الذهن وظرف اتصافها خارجي ، قبال ما كان كلا الظرفين
خارجية أو ذهنية.
وبعدما كان كذلك ، فنقول :
إنه إذا علم بأحد الانائين فلا جرم يصير المعلوم مثل هذا العنوان المخزون في الذهن
ـ وإن لم يلتفت إلى ذهنيته ـ وأن الترديد والشك متعلق بصورة أخرى محتمل انطباق
العنوان المعلوم عليه خارجا ، بمعنى اتحادهما فيه وجودا الذي هو أجنبي عن مرحلة
عروض العلم أو الشك عليه ، وحينئذ صح لنا دعوى أن ما هو معروض اليقين يستحيل أن
يكون معروض الشك ، وكذا بالعكس. فلا مجال في مثله دعوى احتمال انطباق العنوان بوصف
المعروضية للعلم على العنوان الآخر ، إذ جهة المعروضية إنما هو من لوازم ذهنيته
المحال انطباقه بهذه الحيثية مع عنوان آخر خارجا ، إذ هو فرع قابلية مجيئه في
الخارج ، وليس كذلك ، وإلا ينقلب الذهن خارجا. نعم : لا بأس في عالم الاتصاف من
دعوى احتمال انطباق ما هو المتصف بالمعلومية بما هو بإزاء معروضه من العنوان على
المشكوك ، لان مرحلة الاتصاف من تبعات خارج العنوانين ، وفي هذا العالم يصلح
انطباق أحدهما على الآخر ، فيحتمل ذلك في كل واحد من الطرفين.
وحيث اتضح حال العناوين
الاجمالية العرضية فلننقل الكلام إلى العناوين الذاتية التفصيلية ، كاناء زيد أو
الاناء الشرقي بقوله ، فان العلم فيه أيضا في عالم العروض إذا تعلق بمثله يستحيل
عروض الشك إلا بصورة أخرى المنتزعة عن وجوده ، وإحدى الصورتين في عالم العروض
يستحيل أن يتحد مع الآخر في هذا العالم ، لأنهما متبائنان ذهنا ، وإنما احتمل
انطباق أحدهما على الآخر في عالم الاتصاف الذي يكون ظرفه خارجا ، وهو ظرف اتحادهما
أيضا ، كما أشرنا.
فإذا عرفت ما ذكرنا ، فنقول :
إن الغرض من احتمال الفصل باليقين في هذه الفروض إن كان احتماله في عالم الاتصاف
والانطباق خارجا ، فهذه الجهة لا يختص بخصوص الأمثلة المزبورة ، بل يجري في كل علم
إجمالي بالنسبة إلى طرفه ولو كان المعلوم العنوان العرضي ، كعنوان « أحدهما ». وإن
كان الغرض من الفصل احتمال عروض صفة اليقين على ما عرض عليه الشك ، فذلك غير معقول
بالنسبة إلى اليقين والشك الفعليين. نعم : لا بأس بالنسبة إلى اليقين الزائل بالشك
الساري اللاحق على معروض اليقين ، وفي ذلك أيضا ـ مضافا إلى عدم الفرق بيه وبين
العلم بالعنوان الاجمالي كأحدهما ـ أن العلم الزائل لا اعتبار به أصلا ، لان مدار
الناقضية والمنقوضية في باب الاستصحاب على