ليست من القضايا
الشخصية الخارجية [١]
بل هي من القضايا الحقيقية التي يفرض فيها وجود الموضوعات في ترتب المحمولات عليها
[٢] وهي بمنزلة
بسم الله الرحمن
الرحيم
[١] أقول : لا يخفى
أن مفاد القضايا الحقيقية على فرض تسليمها في القضايا الطلبية والخطابات التكليفية
يس إلا فعلية الحكم واقعا بوجود موضوعه واقعا ، من دون اقتضاء هذا المقدار العلم
به وجدانا ، فترتب لعلم بوجود الموضوع لابد من مقدمة أخرى غير مرتبطة بلوازم
القضية ، خارجية كانت أم حقيقية ، فجعل هذه الجهة مقدمة لتوضيح المرام لا يخلو عن
غضاضة. ثم إن ما ذكر إنما في التكاليف المنوطة بوجود الشيء خارجا ، وأما التكاليف
المطلقة مثل « أقيموا الصلاة » وأمثاله ، فلا يكون تنجز التكليف إلا بالعلم
بالكبرى محضا بلا احتياج إلى العلم بشيء آخر ، كما لا يخفى.
[٢] أقول : قد تقدم
منا في مباحث الألفاظ بأن القضية الحقيقية بعدما لا يكون إلا إنشاء الحكم على
موضوع أعم من الفعلية والفرضية ، فلا محيص من كونه بفعلية وجود موضوعه فعليا ،
وبفرضه فرضيا ، نظير « النار حارة » وبعد ذلك نقول أيضا : إن هذه القضية غير متكفل
لمقام العلم بالصغرى أو الكبرى ، بل لابد وأن يكون العلم المزبور من أسباب خارجة
عن مفاد هذه القضية ، فهذه القضية داخلة في الخطابات الواقعية المشتركة بين العالم
والجاهل ، وبعد ذلك نسئل بأنه في ظرف وجود موضوعه واقعا مع جهل المكلف به ، فأي
مرتبة من الحكم يصير فعليا؟ فان أريد مرتبة محركية العبد نحو العمل فهو غلط واضح
مع وجود قبح العقاب بلا بيان ، وإن أريد مرتبة محركية اشتياقه بالعمل للمولى ـ
لصيرورته بصدد إبراز اشتياقه وتهيئة أسباب تحريك عبده في ظرف تحقق شرائط التنجز
على عبده ـ فهو فعلا قبل وجود موضوعه حاصل ، وحينئذ فأي شيء أريد من الحكم الذي
بفعلية موضوعه يصير فعليا؟ وبفرضه يكون فرضيا ، الذي هو شأن القضايا الحقيقية.
وتوهم الجعل في حقيقة الحكم التكليفي كالوضعي أيضا من الأغلاط ، إذ بعد إبراز
المولى إرادته واشتياقه يكفي ذلك ، لحكم العقل بالامتثال ولو لم تكن في البين جعل
أصلا ، مع أن مرتبة محركية الاشتياق في ظرف وجود الموضوع الذي هو المسمى بالإرادة
فرع وجود الاشتياق عند وجود الموضوع ، والحال ان كثيرا ما يكون المولى في هذا
الحين في حال لا يتمشى منه الإرادة والاشتياق ، بل ربما يكون اميتا ، كما في
الوصية بنحو القضية الحقيقية ، كقوله : « كل من دخل داري فأكرموه » فأنشدكم بالله!
اي حكم يصير فعليا بفعلية موضوعه بعد موته؟ فلا محيص إلا ان تقول حينئذ بان الحكم
هو الايجاب المجعول بلا إرادة حين وجوده ، وهذا المعنى مما يضحك به الثكلى! فهل
بذلك حينئذ إلا من الالتزام بعدم جريان القضايا الحقيقية في الطلبيات ، وان مثل
هذا التقسيم إنما هو في محمولات تكون ظرف عروضها