لتعارض الاستصحابين
إلا توهم : أن الاستصحاب التعليقي كما يقتضي نجاسة الزبيب وحرمته بعد الغليان كذلك
استصحاب حلية الزبيب وطهارته الثابتة له قبل الغليان يقتضي حليته وطهارته بعد
الغليان ، وليس الشك في أحدهما مسببا عن الشك في الآخر ، فان الشك في بقاء الطهارة
والحلية يلازم الشك في بقاء النجاسة والحرمة وبالعكس ، فهما في رتبة واحدة ،
والاستصحابان يجريان في عرض واحد ، فيتعارضان ويتساقطان ويرجع إلى أصالة الطهارة
والحلية.
هذا ، ولكن فيه : أن الشك في حلية
الزبيب وطهارته الفعلية بعد الغليان وإن لم يكن مسببا عن الشك في نجاسته وحرمته
الفعلية بعد الغليان وإنما كان
أحدهما مقدمة لوجود
الآخر ، بل هما متلازمان ، وحينئذ أين شك سببي والآخر مسببي؟ في هذا * التقرير
للسببية والمسببية ينادي بأعلى صوته باشتباهه في تعيين مركز السببية والمسببية ،
ولو دقق النظر وفتح البصر! لا محيص له من التفصيل المتقدم وأن هذا التقرير من قوله
: إن إلى آخره ، إنما يجري في القسم الثاني لا الأول.
وأعجب منه!! أنه صار بصدد دفع
الاشكال بخيال جريان دفع هذه الشبهة في الموردين ، وملخص كلامه : أن شرطية ترتب
المسبب على السبب شرعا إنما هو في الاستصحابات الموضوعية ، وأما في الحكمية : فعدم
ترتب الحكم الآخر على ثبوت حكم آخر من لوازم نفس استصحابه ، وفي مثله يترتب جميع
الآثار حتى العقلية بلا خصوصية في شرعية الأثر فيه ، وحينئذ فاستصحاب الحرمة
التعليقية في حال الزبيبية والتعبد ببقائه في هذا الحال يلازم عقلا للتعبد بارتفاع
الحلية في هذا الحال.
وتوضيح فساده : أن التعبد
بوجود الحكم الآخر أيضا عين التعبد بارتفاع الحرمة التعليقية ، فلم لا تنعكس الامر
في المقام؟ لان لازم تضاد الحكمين ملازمة وجود كل منهما لعدم الآخر واقعا وظاهرا
من دون تقدم رتبة أحدهما على الآخر ، ومع وحدة الرتبة لا يبقى لك مجال إجراء الأصل
في طرف وترتب لازمه ظاهرا ، بل لنا أن نعكس الامر. ولا يخفى أيضا أن هذا البيان
إنما يجري في الصورة الثانية ، وإلا ففي الصورة الأولى تقريب الحكومة في غاية
الوضوح وبه يبقى الأساس لاستصحاب الاحكام التعليقية ، إذ في موردها غالبا الحلية
اللااقتضائية الموجب لكون ما هو شرط للحرمة شرعا غاية للحلية كذلك ، كما هو ظاهر ،
فتدبر فيما ذكرنا فإنه دقيق.
* كذا في النسخة ، والصحيح «
فهذا التقرير » ( المصحح ).