المصطلحة ، بل هي
إنما يصح في الاحكام المجعولة أو العوارض الخارجية التي كان فرض وجود الموضوع
موجبا لفرض محموله ، وفي الاحكام الطلبية ـ كما عرفت ـ ليس الامر كذلك ، فجعلها من
سنخ القضايا الحقيقية مبنية على كون الأحكام التكليفية بحقايقها مجعولة ، نظير
الأحكام الوضعية في المعاملات ، ولقد عرفت ما فيه بأوضح بيان. وحينئذ ففي مورد إذا
ثبت وجوب المشروط ففرض الشرط فيه لم يكن إلا ظرفا لمفاد الخطاب الثابت للذات فعلا
، ومن المعلوم : أن هذا المعنى غير راجع إلى قيدية شيء لموضوع الخطاب أو للمخاطب ،
وإن كان قابلا لارجاع أحدهما بالآخر بنحو من الاعتبار والعناية ، وإلا فبحسب
الحقيقة أحد الاعتبارين غير الآخر. وحينئذ فتوهم أن الموضوع مركب من ذات ووصف غلط
، إلا بتمحل خارج عن كيفية الخطاب. وحينئذ بعدما كان مفاد الخطاب ثبوت حكم فعلي
للذات العاري عن القيد ـ غاية الامر كان هذا الحكم موجودا فعليا في ظرف فرض
الموضوع لا في ظرف وجوده خارجا ، بل هو ظرف تطبيق الخطاب وتأثيره الخارج عن مفاده
ـ فلا قصور في شمول دليل التنزيل لمثله ولو قبل حصول شرطه ، غاية الامر لا أثر له
أصلا إلا بعد حصول الشرط ، والمفروض : أن في الاستصحاب أيضا لا يحتاج إلا إلى كون
المنزل وما هو مفاد الخطاب موجودا حين يقينه ومشكوكا بقائه مع ترتب عمل حين الشك.
ثم إنه لو بنينا على جعلية الاحكام ، فلم لا يقول بأن المجعول ما هو على وفق
إرادته؟ إذ حينئذ لابد وأن يلتزم بان الوجوب المجعول فعلي على وفق فعلية إرادته
ومنوط بوجود الشيء في لحاظه وفرضه ، لا أنه منوط بوجود الشيء خارجا ، إذ حينئذ لا
بأس بالاستصحاب التعليقي أيضا ، لان المستصحب أيضا وجوب فعلي في ظرف لحاظ الشيء
الحاصل قبل وجود الشرط خارجا ، كما هو شأن إرادته واشتياقه.
ولئن اغمض عما ذكر كله وقلنا
بجعلية الوجوب وإناطته بوجود الشرط والموضوع خارجا ، فنقول : إنه لا شبهة في أن
مفاد الخطاب قبل وجودات الموضوع لا يكون إلا فرضا ، كما أن قبل قيوده الحكم أيضا
لا يكون ثبوته للذات المجرد عن القيد أيضا إلا فرضا ، وحينئذ فان أريد في
الاستصحاب اليقين بالوجود الفعلي فلازمه عدم جريانه في الاحكام الكلية قبل وجود
موضوعاتها ، والمفروض : أنه يلتزم بجريانه فيها ، ولازمه الاكتفاء بوجود الحكم
فرضا في زمان يقينه ، فلم لا يلتزم بكفاية فرضية هذا الحكم لمثل هذا الذات المجرد
قبل حصول شرطه؟.
وتوهم : أن موضوع الحكم في
الواجبات المشروطة هو الذات المقيد لا المجرد ، قد عرفت فساده ، لان شأن شرائط
الحكم إخراج الذات عن الاطلاق كنفس الحكم ، لا تقيد الذات بالحكم أو بما أنيط به
الحكم ، فالذات في القضايا المشروطة تمام الموضوع نحو لا إطلاق فيه ولا تقيد ،
فيصدق على هذا الذات