وبين الأمور
الاعتبارية العرفية أو الشرعية ، فالعلم بوجود الفرد المردد يكون منشأ للعلم بوجود
الكلي والقدر المشترك خارجا ، وارتفاع أحد فردي الترديد يصير منشأ للشك في بقاء
الكلي ، فيثبت كلا ركني الاستصحاب.
نعم : بناء على انتزاعية الكلي يتوجه
الاشكال المذكور ، فإنه لم يتعلق العلم بوجود الكلي إذ لا وجود له ، وإنما تعلق
العلم بوجود منشأ الانتزاع وهو الفرد ، ولكن القول بانتزاعية الكلي بمراحل عن
الواقع ، فلا إشكال في أن العلم بوجوب إحدى الصلاتين يستتبع العلم بوجود الوجوب في
عالم التشريع والاعتبار ، وكذا العلم بوجود أحد الحيوانين أو صدور أحد الحدثين
يستتبع العلم بوجود الحيوان والحدث في عالم العين والتكوين ، والعلم بخروج أحد
الفردين عن مورد الابتلاء بامتثال أو تلف ونحوه يوجب الشك في بقائه ، فيجري فيه
الاستصحاب.
وأما عدم المانع : فلان المانع الذي
يمكن توهمه ليس إلا أن وجود القدر المشترك إنما يكون مسببا عن حدوث الفرد الباقي ،
إذ لولا حدوث الفرد الباقي لكان يعلم بارتفاع القدر المشترك ، فبقاء الكلي إنما
يكون معلولا لحدوث الفرد الباقي ، فيجري فيه استصحاب عدم الحدوث ويرتفع بذلك الشك
في بقاء الكلي ، لان الأصل الجاري في السبب رافع لموضوع الأصل المسببي ، فلا يبقى
مجال الاستصحاب بقاء القدر المشترك.
هذا غاية ما يمكن أن يتوهم في المنع عن
جريان استصحاب الكلي ، وقد توهمه بعض ، ولكنه ضعيف لما فيه :
أولا : أن ارتفاع القدر المشترك ليس
مسببا عن عدم حدوث الفرد الباقي ،
ولو تفصيلا مرددا في
بقائه. وحينئذ الأولى في الفرق بينهما أن يقال : إن شأن دليل التعبد أن يشمل موردا
يتعلق الشك فيه بما له الأثر في لسان الكبرى ، وهذا المعنى في استصحاب الكلي متحقق
دون غيره من الفرد المردد ، كما لا يخفى.