كل موجود في العالم
يكون محكوما بالحلية والطهارة واقعا ، غايته أنه يكون من العمومات المخصصة ، كقوله
تعالى : « وأحل لكم
ما في الأرض جميعا » [١].
وإن كان المراد منه الذات بوصف كونها
مشكوكة الطهارة والحلية ، فحمل قوله عليهالسلام
« حلال » أو « طاهر » عليه إنما هو لبيان حكمه الظاهري ، ولا يمكن حينئذ أن يكون
المراد من المحمول الحلية والطهارة الواقعية ، فان موضوعات الاحكام الواقعية إنما
هي ذوات الأشياء المرسلة ، ولا يعقل تقييد موضوع الحكم الواقعي بكونه مشكوك الحكم
، فالشئ المقيد بكونه مشكوك الطهارة والحلية لا يمكن أن يحمل عليه إلا الطهارة
والحلية الظاهرية ، كما أن الشيء المرسل الغير المقيد بذلك لا يمكن أن يحمل عليه
إلا الطهارة والحلية الواقعية ، فان للشك دخلا في موضوع الحكم الظاهري مطلقا.
فالموضوع في قوله عليهالسلام
« كل شيء لكل طاهر » أو « حلال » إما أن يكون هو الشيء المرسل ويلزمه أن يكون
المحمول حكما واقعيا ، وإما أن يكون هو الشيء المشكوك حليته أو طهارته ويلزمه أن
يكون المحمول حكما ظاهريا. ولا يمكن أن يكون المراد منه الأعم من المرسل والمشكوك
، كما لا يمكن أن يكون المراد من المحمول الأعم من الواقعي والظاهري ، فان الشيء
المشكوك متأخر في الرتبة عن الشيء المرسل ، كما أن الحكم الظاهري متأخر في الرتبة
عن الحكم الواقعي ، فكل من موضوع الحكم الظاهري وحكمه في طول موضوع الحكم الواقعي
وحكمه ، ولا يمكن جمعهما في اللحاظ والاستعمال. وذلك كله واضح مما لا ينبغي إطالة
الكلام فيه.
وبعد ذلك نقول : إن ظاهر صدر الروايات
مع قطع النظر عن الغاية يعطي أن يكون المحمول فيه حكما واقعيا [٢] فيكون مساقه مساق الأدلة المتكفلة
لبيان