بعض الأطراف ، أو
ظاهريا كما إذا كان في بعض الأطراف أصل ناف للتكليف غير معارض بمثله ، على ما
سيأتي تفصيله.
والحاصل : أن الذي لابد منه عقلا هو
القطع بالخروج عن عهدة التكليف ، والعلم بحصول المؤمن من تبعات مخالفته ، وهذا كما
يحصل بالموافقة القطعية الوجدانية بترك الاقتحام في جميع الأطراف ، كذلك يحصل
بالموافقة القطعية التعبدية بترك الاقتحام في بعض الأطراف مع الاذن الشرعي في
ارتكاب البعض الآخر [١]
ولو بمثل أصالة الإباحة والبرائة إذا فرض جريانهما في بعض الأطراف بالخصوص ولم
يجريا في الطرف الآخر ليقع المعارضة بينهما.
نعم : لا يجوز الاذن في جميع الأطراف ،
لأنه إذن بالمعصية ، والعقل يستقل بقبحها ، وأما الاذن في البعض فهو هما لا مانع
عنه ، فان ذلك يرجع في الحقيقة إلى جعل الشارع الطرف الغير المأذون فيه بدلا عن
الواقع [٢]
والاكتفاء بتركه عنه لو فرض أنه صادف المأذون فيه للواقع وكان هو الحرام المعلوم
في البين.
ودعوى : أنه ليس للشارع الاكتفاء عن
الواقع ببدله مما لا شاهد عليها ، وإلى ذلك يرجع ما تكرر في كلمات الشيخ قدسسره من إمكان جعل بعض الأطراف بدلا عن
الواقع ، فإنه ليس المراد منه تنصيص الشارع بالبدلية ، بل نفس الاذن في البعض
يستلزم بدلية الآخر قهرا.
[١] أقول : مجرد ترك
الاقتحام في البعض لا يكون إلا موافقة احتمالية ، إذ لا معنى للموافقة إلا إتيان
مصداق المعلوم ، ولا يكون إلا بجعل الشارع مصداقيته ، لا بصرف تركه مع الاذن
بارتكاب الطرف ، إذ لا يكون ذلك إلا الاذن بالاكتفاء بمحتمل المصداقية وهو الذي
نمنعه أشد المنع.
[٢] أقول : الغرض من
البدلية إن كان جعله مصداقا للمعلوم فهو متين لو كان له طريق آخر غير هذا الترخيص
، وإلا فلو كان الطريق منحصرا بعموم دليل الترخيص فيدور ، لان شمول دليل الترخيص
فرع العلم بالمصداقية ، فكيف يحصل العلم من عموم دليل الترخيص؟ وإن كان الغرض من
البدلية الاكتفاء بتركه مع احتمال كونه مصداقا ، فليكن دليل الترخيص يثبت ذلك في
العلم التفصيلي أيضا.