نعم : حسن التعليل بالاستصحاب بناء على
شرطية إحراز الطهارة يتوقف على أن يكون التعليل لبيان كبرى كلية وهي : عدم وجوب
الإعادة على كل من كان محرزا للطهارة ، وهذا لا يختص بالمقام بل يطرد في جميع
موارد منصوص العلة ، فان تعليل حرمة شرب الخمر بالاسكار لا يحسن إلا بعد أن تكون
العلة وردت لإفادة كبرى كلية ، وهي : حرمة كل مسكر ، وذلك واضح.
وأما
على الوجه الثاني : وهو كون العلم
بالنجاسة مانعا عن صحة الصلاة ، فيستقيم التعليل أيضا ، سواء كان اعتبار العلم
لكونه منجزا أو لكونه طريقا ، وسواء كانت العلة المجموع المركب من المورد
والاستصحاب وهو قوله عليهالسلام
« لأنك كنت على يقين من طهارتك فشككت ولا ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك » أو كانت
العلة خصوص الاستصحاب وإنما ذكر المورد توطئة لذكر العلة ، فان التعليل بذلك إنما
يكون لإفادة أن النجاسة في مفروض السؤال ليس لها منجز ، لعدم العلم بها تفصيلا أو
إجمالا ، والشك فيها ملغى بحكم الاستصحاب [١]
فلا موجب لإعادة الصلاة ، لأنه لم يتحقق ما اخذ موضوعا لوجوب الإعادة ، فإنه لم
يحصل ما يوجب تنجيز أحكام النجاسة ، والمفروض : أن الموضوع لوجوب الإعادة هي
النجاسة المنجزة بوجه.
فالتعرض لذكر المورد في الرواية إنما هو
لبيان عدم حصول العلم بالنجاسة ليتحقق الطريق أو المنجز لها ، والتعرض لذكر
الاستصحاب لبيان أن الشك في النجاسة ملغى بحكم الشارع.
[١] أقول : بناء على
مانعية العلم بالنجاسة فكل واحد من وجهيه لا يبقى مجال لتعليل عدم الإعادة
بالاستصحاب ، لأنه حينئذ مسبوق بعلة أخرى : من عدم العلم بالنجاسة أو منجزيته ،
فالتعليل بالاستصحاب حينئذ مستدرك ، فلا يصح التعليل مع الغمض عما ذكرنا إلا بناء
على شرطية العلم بالطهارة بأحد وجهيه ، مع أنه على هذا لا أثر للطهارة ، فأين صحة
التعبد بوجودها؟ كما هو ظاهر واضح.