بتقريب أن يقال : إن
وجوب الركعتين الأخيرتين اللتين تركهما الجاهل بوجوب التام عليه إنما يكون نفسيا
استقلاليا [١]
وبالعلم بالحكم ينقلب الوجوب من النفسية إلى الغيرية على حذو ما سمعته في الجهر
والاخفات ، ولا بعد في أن تكون الركعتان الأخيرتان واجبتين بالوجوب النفسي ، بل
ربما يدعى ظهور الأدلة في ذلك ، فان الركعتين الأخيرتين مما فرضهما النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأولتين مما فرضهما الله ( تعالى )
كما ورد بذلك عدة من الروايات [٢].
وغاية ما يقتضيه فرض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الوجوب النفسي ، وأما الارتباطية
وكونهما قيدا لما فرضه الله ( تعالى ) من الركعتين الأولتين فلا يقتضيه ذلك ، بل
لولا الاجماع على بطلان الصلاة المقصورة في موضع وجوب الاتمام مع العلم بالحكم
لكان القول بالوجوب النفسي للركعتين الأخيرتين قريبا جدا حتى في صورة العلم بالحكم
، إلا أن الاجماع انعقد على البطلان في صورة العلم بالحكم ، وتبقى صورة الجهل
بالحكم على ما تقتضيه ظاهر الأدلة : من الوجوب النفسي الاستقلالي [٣].
وأما
المسألة الثالثة : وهي الاتمام في
موضع وجوب القصر ، فيمكن أن يقال في مقام التفصي عن الاشكال فيها : بأن الواجب على
المسافر الجاهل بالحكم
[١] أقول : ولازمه
فساد الصلاة لو أتى الجاهل تماما بقصد التقرب بالامر بالصلاة وحدانيا ارتباطيا
مقتصدا في قصده ، بحيث لا يدعوه غير ذلك الامر ، ولا أظن التزامه من أحد وكذا عكسه
، ولقد أجاد المقرر حيث تعرض هذا الاشكال.
[٢] الوسائل الباب ١
من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث ١ و ٢ و ٩.
[٣] أقول : وإن
التزم بما ذكرنا : من اقتضاء الجهل بوفاء غير الواجب بمرتبة من المصلحة بلا وفاء
الواجب لهذه المرتبة مستقلا ، يرتفع الاشكال بحذافيره ، بلا احتياج إلى الالتزام
بوجوب نفسي لشيء في الواجب الواقعي ، كي يصير العلم به موجبا لانقلابه ، كي يرد
عليه ما ذكرناه.