المكلف به بين الأقل
والأكثر ، لأنه ما من مورد إلا ويشك في قيام الملاك بالأقل فيشك في حصول الملاك
عند ترك الأكثر ، وهذا مع أنه خلاف ما صرح به في مبحث التعبدي والتوصلي يقتضي
تصديق الاشكال المذكور في قوله : « إن قلت : إن الأوامر الشرعية كلها من هذا
القبيل ، الخ ». وما أجاب به عن الاشكال من الوجهين لا محصل لها ، كما سيأتي بيانه.
هذا ، مضافا إلى أن المصالح والملاكات
التي تبتني عليها الاحكام لا تدخل تحت دائرة الطلب ، لعدم القدرة على تحصيلها ـ
على ما سيأتي توضيحه ـ فلا يمكن أن يكون المراد من « الغرض » المعطوف على العنوان
ملاكات الاحكام ، كما لا يمكن أن يكون المراد منه نفس العنوان المعطوف عليه ،
بتوهم : أن عطف الغرض عليه يكون من عطف البيان ، فان العبارة تأبى عن ذلك ، كما
يظهر بالتأمل فيها ، فلابد من أن يكون المراد من « الغرض » معنى آخر يمكن أن يتعلق
الامر به [١]
ويكون من القيود والخصوصيات اللاحقة للمأمور به التي يتوقف الامتثال عليها.
[١] أقول : لا يخفى
أن « الغرض » الذي عبارة عن قصد الامتثال في التعبديات إنما هو من أغراض النفس ،
ولا يكاد يترتب على المأمور به ، وبذلك يمتاز عن ملاكات الاحكام ، فإنها مترتبة
على المأمور به ، وهذه الداعية على إرادتها ، وحينئذ فمع تصريح كلمات الشيخ في الرسائل
بقوله : « وعلم أنه الغرض من المأمور به » بعد قوله : « وعلم أن المقصود إسهال
الصفراء » كيف يحمل هذا الكلام على الغرض الناشي من الامر من قصد الامتثال؟ خصوصا
بعد قوله : « إن قلت الخ » و « علم أنه » ان ذلك توجيه بما لا يرضى صاحبه.
والعجب! إنه جعل الاشكال
الوارد على شيخنا الأعظم بخياله في جواب « إن قلت » قرينة على رفع اليد عن صريح
كلامه في المقام ، وأعجب من ذلك!! تأييده بالتعبير منه بلفظ « الغرض » في باب
التعبدي والتوصلي ، إذ لا إشكال في صدق « الغرض » على قصد الامتثال ، إلا أنه من الاغراض
المترتبة على الامر لا المأمور به ، وفي المقام صرح بالثاني ، فكيف يصير تعبيره
بالغرض مع كون المراد منه « الغرض من الامر » شاهدا للمقام ، كما لا يخفى.