بقاء الفرد الحادث
على ما هو عليه من الترديد [١]
وهو يقتضي الحكم ببقاء الحادث على كل تقدير ، سواء كان هو الفرد الباقي أو الفرد
الزائل ، وهذا ينافي العلم بارتفاع الحادث على تقدير أن يكون هو الفرد الزائل ،
فاستصحاب الفرد المردد عند العلم بارتفاع أحد فردي الترديد مما لا مجال له.
نعم : لا مانع من استصحاب الكلي والقدر
المشترك بين ما هو مقطوع الارتفاع وما هو مقطوع البقاء ، للشك في بقائه بعد العلم
بحدوثه ، ويثبت بذلك الآثار الشرعية المترتبة على نفس بقاء القدر المشترك ، ولا
تثبت الآثار المختصة بأحد الفردين إلا على القول بالأصل المثبت ، ففي الحدث المردد
بين الأصغر والأكبر يجري استصحاب بقاء الحدث عند الاتيان بأحد فردي الطهارة : من
الوضوء أو الغسل ، ويترتب عليه حرمة مس كتابة المصحف ، لان حرمة المس من الاحكام
المترتبة على نفس بقاء الحدث من دون أن يكون لخصوصية الأصغر والأكبر دخل في ذلك ،
لقوله تعالى : « لا يمسه
إلا المطهرون » [٢] وسيأتي توضيح ذلك في مبحث الاستصحاب (
إن شاء الله تعالى ).
والمقصود في المقام : مجرد بيان عدم
جريان استصحاب الفرد المردد عند ارتفاع أحد فردي الترديد ، كما ربما يختلج في
البال ، بل قيل به بتوهم : أن ارتفاع أحد الفردين يوجب الشك في بقاء الفرد الحادث
، فيجري فيه
[١] أقول : استصحاب
الفرد المردد لا يقتضي إلا الحكم ببقاء ما هو المعلوم الغير الساري إلى العنوان
التفصيلي ، لأنه متعلق لشكه ، والغرض أن التعبد الاستصحابي لا يتعدى عن مورد شكه ،
ومورد شكه أيضا هو متعلق يقينه ، فكما أن اليقين الاجمالي يجتمع مع الشك بالطرفين
تفصيلا كذلك الشك الاجمالي أيضا يجتمع مع العلمين التفصيليين ، وحينئذ لا يقتضي
الاستصحاب المزبور التعبد ببقاء كل واحد من المعلومين تفصيليين ، فلا يتم هذا
الوجه في منع جريان استصحاب الفرد المردد ، بل الأولى ما ذكرناه في الحاشية
السابقة.