بالفعل منقسم إلى ما
يكون حلالا وإلى ما يكون حراما ، وذلك لا يتصور إلا في الشبهات الموضوعية.
وأمّا الشبهات الحكمية : فليس القسمة
فيها فعلية وإنما تكون القسمة فيها فرضية ، ـ أي ليس فيها إلا احتمال الحل والحرمة
ـ فان شرب التتن الذي فرض الشك في كونه حلالا أو حراما ليس له قسمان : قسم حلال
وقسم حرام ، بل هو إما أن يكون حراما وإما أن يكون حلالا ، فلا يصح أن يقال : إن
شرب التتن فيه حلال وحرام ، إلا بضرب من التأويل والعناية التي لا يساعد عليها
ظاهر اللفظ.
فكلمة « فيه » ظاهرة في اختصاص الحديث
في الشبهات الموضوعية ، وكذا كلمة « بعينه » فان معرفة الشيء بعينه إنما يكون في
الموضوعات الخارجية [١]
ولا معنى لأن يقال : حتى تعرف الحكم بعينه.
ومن ذلك يظهر : اختصاص قوله عليهالسلام « كل شيء لك حلال حتى تعرف الحرام
بعينه » بالشبهات الموضوعية ، فإنه لولا كلمة « بعينه » كان الخبر عاما للشبهات
الحكمية والموضوعية ، كقوله عليهالسلام
« كل شيء لك طاهر حتى تعلم أنه قذر » ولكن لفظة « بعينه » توجب ظهور الخبر في
الشبهات الموضوعية.
وقد استدل للبرائة بقوله صلىاللهعليهوآله « الناس في سعة ما لا يعلمون » [٢] وفي دلالته تأمل إلاّ على بعض الوجوه.
[١] أقول : معنى
معرفة الحرام بعينه تشخيص الحرام من الحلال ، لا تشخيصه خارجا ، فلا قصور في شمول
الحديث ـ لولا الأمثلة في ذيله ـ للشبهات الحكمية ، هذا مع إمكان حمل « بعينه »
على بيان التأكيد لموضوع الحرمة وأنه حقيقة معروضها ، لا أنه من توابع المعروض ،
فيرتفع حينئذ الإشكال رأسا.
نعم : العمدة في هذه
الرواية الأمثلة الواقعة في ذيلها ، والذي يسهل الخطب أن هذه الأمثلة لا يناسب «
قاعدة الحلية » حتى على اختصاصها في الشبهات الموضوعية ، فلابد من التفصي عنها على
كلا التقديرين ، كما لا يخفى.
[٢] مستدرك الوسائل
: الباب ١٢ من أبواب مقدمات الحدود الحديث ٤. لفظ الحديث فيه « .. ما لم يعلموا ».