الاشتقاق؟ مع أنه
يعتبر في مبدء الاشتقاق ان يكون معرى عن الهيئة حتى يمكن عروض الهيئات المشتقة
عليها ، وما يكون له هيئة مخصوصة غير قابل لذلك ، إذ لا يعقل عروض الهيئة على
الهيئة ، فالمصدر بما له من المادة والهيئة لا يمكن ان يكون مبدء الاشتقاق. وكذا
الحال في اسم المصدر ، إذ اسم المصدر على ما عرفت ، هو عبارة عن نفس الحدث بشرط
انتسابه إلى محله ، والغالب اتحاد هيئته مع هيئة المصدر من دون ان يكون له هيئة
تخصه ، كما في الضرب والقتل ، وغير ذلك من المصادر التي يمكن ان يراد منها الاسم
المصدر ، وقد يكون له هيئة تخصه ، كما في الغسل بالضم حيث إنه اسم المصدر والمصدر
هو الغسل بالفتح. وعلى كل حال : اسم المصدر أيضا بما له من المعنى والهيئة يباين
معاني سائر المشتقات وهيئاتها ، فلا يصح ان يكون هو مبدء الاشتقاق ، بل لابد ان
يكون مبدء الاشتقاق أمرا معرى عن كل هيئة ( كالضاد ) و ( الراء ) و ( الباء ) ولا
بأس بالتعبير عنه بالضرب من دون لحاظ وضع هيئة ودلالتها على النسبة ، بل تكون
الهيئة لمجرد حفظ المادة ليسهل التعبير عنها.
وحاصل الكلام : انه لابد ان يكون مبدء
الاشتقاق من حيث المعنى واللفظ لا بشرط ، ليكون قابلا لان يرد على لفظه كل هيئة مع
انحفاظ معناه في جميع المعاني المشتقة ، ومعنى المصدر واسم المصدر ، انما يكون
بشرط شيء كما في المصدر حيث يلاحظ فيه الانتساب ، أو بشرط لا كما في اسم المصدر
حيث يلاحظ فيه عدم الانتساب ، فلا يصلحان لان يكونا مبدء الاشتقاق ، فتأمل في
المقام جيدا هذا.
ولكن
لا يخفى عليك : ان ما قيل : من أن
المصدر بهيئته يدل على الانتساب مما لا معنى له ، بداهة ان الانتساب انما يستفاد
من إضافة المصدر إلى فاعله ، كما هو الغالب ، والى مفعوله نادرا كما في قولك : ضرب
زيد عمروا حيث يكون زيد فاعلا ، أو ضرب زيد عمرو بالرفع حيث يكون عمرو فاعلا ، وعلى
كل تقدير ليست هيئة المصدر موضوعة للدلالة على انتساب الحدث إلى فاعله بالنسبة
الناقصة التقيدية ، كوضع هيئة الافعال للدلالة على النسبة التامة الخبرية ، بل
النسبة انما تستفاد من