مبدء الاشتقاق معرى
عن الهيئة ، حتى يكون معروضا لكل هيئة ، ومن المعلوم ان لكل من المصدر واسم المصدر
هيئة تخصه ، ويكون ما يستفاد من اسم المصدر بهيئته مباينا لما يستفاد من المصدر
بهيئته ، كالغسل والغسل ، فلا يمكن ان يكون مبدء الاشتقاق المصدر أو اسم المصد [١] بل لابد من أن يكون مبدء الاشتقاق أمرا
معرى عن الهيئة قابلا لعروض كل هيئة عليه ، كالضاد والراء والباء في ضرب ، ولا
يمكن ان يتلفظ به ، لان كل ملفوظ لابد ان يكون ذا هيئة.
وحاصل الكلام : ان مبدء الاشتقاق لابد
ان يكون أمرا غير متحصل في عالم اللفظ والمعنى ، ويكون تحصله في كلتا المرحلتين بواسطة
الهيئة ، فنسبة المبدء إلى الهيئات كنسبة المادة إلى الصور النوعية ، حيث إن
المادة تكون صرف القوة ، ويكون فعليتها بالصور النوعية ، كذلك مبدء الاشتقاق يكون
معنى غير متحصل بالذات ، ويكون في عالم المفهومية صرف قوة ، ويتوقف فعليته وتحصله
على الهيئة ، فمبدء الاشتقاق في الافعال أسوء حالا من الحروف ، إذ الحروف وان لم
يكن لها معنى في حد أنفسها ، ولكن يمكن التلفظ بها ، وهذا بخلاف مبدء الاشتقاق
فإنه لا يمكن التلفظ به ، كما عرفت ، الا بتوسط الهيئات ، وسيأتي مزيد توضيح لذلك
في بحث المشتق انشاء الله تعالى.
ثم إن الهيئات اللاحقة لمبدء الاشتقاق.
منها :
ما يكون مفادها معنى افراديا استقلاليا
لا يحتاج في تحصله إلى ضم نسبة تركيبية ، وذلك كالأسماء المشتقة كضارب ومضروب ، وما
شابه ذلك ، فان لكل منها معنى افراديا استقلاليا متحصلا بهوية ذاته بلا ضم نسبة ، على
ما هو الحق من بساطة معاني الأسماء المشتقة ، كما يأتي تفصيله. فللضارب معنى متحصل
افرادي اسمى ، والتلفظ به موجب لاخطار ذلك المعنى في الذهن ، ومن هنا صار معربا
يقبل
[١] وربما يظهر من
بعض الكلمات ان مبدء الاشتقاق هو اسم المصدر ولا دخل لهيئته في معناه ، وانما تكون
الهيئة حافظة للمادة ، بخلاف هيئات سائر المشتقات ، فان لها دخلا في المعنى ، فتأمل
ـ منه.