وما قيل في توجيه ذلك : من أنه يمكن ان
يكون ترك صوم يوم عاشوراء ملازما لعنوان راجح ، أو سببا توليديا له ، فيكون الترك
كالفعل راجحا ومستحبا وان كان الترك أرجح ، لمواظبة الأئمة عليهمالسلام وأصحابهم عليه.
فاسد ، فإنه لا يعقل ان يكون كل من
الفعل والترك راجحا ومستحبا شرعا ، لان المتيقن من وقوع الكسر والانكسار بين
الجهات والمصالح هو ما إذا كانت الجهات بين النقيضين : من فعل شيء وتركه ، وكيف
يعقل عدم وقوع الكسر والانكسار بين النقيضين؟ مع وقوعهما بين الضدين الذين لا ثالث
لهما والمتلازمين في الوجود دائما. فإذا كان هذا حال المتضادين والمتلازمين ، فما
ظنك في النقيضين.
وبالجملة : لا يعقل ان لا يقع الكسر
والانكسار بين الجهات في باب النقيضين ، ولا يعقل ان يكون كل من النقيضين مأمورا
به بالامر الاستحبابي ويكون كل من الفعل والترك راجحا مبعوثا إليه شرعا ، فلا محيص
من وقوع الكسر والانكسار إذا كان في كل من الفعل والترك مصلحة. وحينئذ اما ان تغلب
إحدى المصلحتين على الأخرى ، فيكون البعث نحوها فقط. واما ان لا تغلب ، فيكون
الحكم هو التخيير ليس الا. فهذا الوجه الذي افاده في التقرير [١] وتبعه صاحب [٢] الكفاية مما لا يحسم مادة الاشكال.
فالأولى في التوجيه ، هو ان يقال : ان
مركب النهى التنزيهي غير مركب الامر الاستحبابي ، وان مركب الامر الاستحبابي هو
نفس العمل وذات الصوم ، ومركب النهى التنزيهي هو التعبد بالعمل والتقرب به إليه
تعالى ، فيكون الصوم مستحبا ، ومع ذلك يكون التعبد به مكروها. ولا منافاة بينهما ،
إذ لم يتحد مركب الامر الاستحبابي ومركب النهى التنزيهي ، حتى يلزم اجتماع الضدين.
[١] مطارح الأنظار ،
بحيث الاجتماع ، الهداية التي تكلم فيها عن حجج المجوزين. المقام الثاني في تصوير
الكراهة في العبادات. قوله : « الثالث لا يبعد ان يكون حاسما لمادة الاشكال وهو ..
» ص ١٣٥
[٢] كفاية الأصول ، الجلد
الأول ، بحث الاجتماع قوله : « اما القسم الأول فالنهي تنزيها عنه .. » ص ٢٥٥