بدليا ، وفي ( لا
تغصب ) مطلق الوجود ويكون الاطلاق فيه شموليا ، وكان الاطلاق الشمولي مقدما عند
التعارض مع الاطلاق البدلي ، حيث إن مقدمات الحكمة في الاطلاق الشمولي موجبة لخروج
الافراد عن كونها متساوية الاقدام في الاطلاق البدلي ، على ما بيناه في محله [١] فلابد حينئذ من تقييد اطلاق متعلق
الامر بما عدا الفرد المجامع للغصب ، ويكون المأمور به حينئذ هو الصلاة المقيدة
بان لا تكون في الدار الغصبية ، وهذا التقييد راجع إلى مرحلة الثبوت والواقع ، كما
هو الشأن في جميع الاطلاقات والمقيدات ، حيث إن دليل المقيد كاشف عن عدم تعلق
إرادة الآمر بما تضمنه المطلق ، ولا دخل لعلم المأمور وجهله بذلك ، فان علم
المأمور وجهله انما ينفع في باب التزاحم ، لا في باب التعارض ، كما تقدم تفصيله في
مبحث التزاحم [٢]
ولازم ذلك هو فساد الصلاة في الدار الغصبية ، سواء علم المكلف بغصبية الدار أو لم
يعلم ، لأنه لم يأت بما هو المأمور به. مع أن الظاهر تسالم الفقهاء على صحة الصلاة
في الدار الغصبية عند الجهل بالغصب ، وهذا يكشف عن عدم ادراجهم المسألة في صغرى
التعارض ، وذلك لايكون الا بالبناء على جواز اجتماع الأمر والنهي. ويدل على ذلك
اخذهم في عنوان البحث قيد المندوحة ، فان المندوحة لا دخل لها بالتعارض ، وانما
تنفع في باب التزاحم ، لان الضابط في باب التعارض ، هو عدم امكان تشريع الحكمين
الذين تكفلهما الدليلان في عالم الثبوت والتشريع ، كان هناك مكلف أو لم يكن ، حصلت
القدرة أو لم تحصل ، فاعتبار المندوحة لا دخل له بباب التعارض.
نعم : هي تنفع في باب التزاحم ، حيث إن
التزاحم انما يكون باعتبار القدرة ، فيتوهم حينئذ ان القدرة على ايجاد الطبيعة في
الجملة تكفى في صحة الفرد المزاحم للأهم أو المضيق ، على ما تقدم من مقالة المحقق
الكركي وسيأتي توضيحه أيضا.
[١] راجع الجزء
الرابع من الفوائد ، التعادل والتراجيح ، المبحث الخامس ، ص ٢٧٢ ـ ٢٧٣ الطبعة
القديمة
[٢] راجع بحث الضد ،
المقام الأول في الفرق بين التزاحم والتعارض ص ٣١٧