التصرف مع هذا واجبا
ومطلوبا يكذبها الوجدان والاعتبار ، ولأجل ذلك تشتتت الآراء فيما هو الواجب من
المقدمة ، وسلك كل مسلكا. فذهب صاحب المعالم إلى أن وجوب المقدمة مشروط بإرادة
ذيها ، وذهب صاحب الفصول إلى المقدمة الموصلة ، وذهب الشيخ ( قده ) إلى اعتبار قصد
التوصل. [١]
كل ذلك لأجل استبعاد كون المقدمة واجبة مط. وقد تقدم منا بيان فساد ذلك كله ، وانه
لا يمكن اعتبار قيد التوصل أو قصد التوصل في وجوب المقدمة ، أو في وقوعها على صفة
الوجوب بحيث يكون قيدا للواجب ، لاستلزام تلك المحاذير المتقدمة.
ولنا في المقام مسلك آخر به يحسم مادة
الاشكال ، ويوافق عليه الذوق والاعتبار وهو : ان الحرمة الذاتية التي كانت للمقدمة
لم تسقط مطلقا ، بل سقط اطلاقها لحالتي فعل ذي المقدمة وتركها مع انحفاظ الحرمة في
صورة ترك ذي المقدمة ، بل انحفاظ كل حكم كان للمقدمة ذاتا ولو لم يكن الحرمة ، بل
كان الحكم هو الإباحة أو الكراهة أو الاستحباب.
وبالجملة : الدعوى هو ان كل حكم كان
للمقدمة مع قطع النظر عن عروض وصف المقدمية عليها فهو محفوظ في حال ترك ذي المقدمة
، أعني الواجب الذي فرضناه أهم. وذلك لايكون الا بالامر الترتبي الذي قد تقدم
الكلام عنه ، وعن امكانه بل وقوعه. نعم : يختص الامر الترتبي في المقام ببعض
الاشكالات ، التي لا ترد على الامر الترتبي في سائر المقامات. وحاصل تلك الاشكالات
يرجع إلى أمرين :
الأول
: ان الامر الترتبي في المقام يوجب اجتماع
الوجوب والحرمة في نفس المقدمة ، والوجوب والحرمة متضاد ان لا يمكن اجتماعهما.
الثاني
: ان الامر الترتبي في المقام يتوقف على
القول بالشرط المتأخر ، لان الحرمة ح تكون مشروطة بعصيان ذي المقدمة المتأخر زمانا
عن المقدمة ، ولم يقم دليل بالخصوص على اعتبار الشرط المتأخر في المقام ، حتى
نرجعه إلى وصف التعقب. هذا