ان الامر الترتبي لا يختص بالضدين الذين
لا يمكن جمعهما في الوجود ، بل يجرى في ممكني الجمع أيضا ، كما في مثل الإقامة
والصوم ، والدين والزكاة ، وغير ذلك من الأمثلة المتقدمة. فكما ان الامر الترتبي
في ممكني الجمع لا يتقضى ايجاب الجمع ، فكذلك في ممتنعي الجمع كالضدين.
ودعوى ان الأمثلة المذكورة مجرد فرض لا
تحقق له في الخارج فلا تصلح ان تجعل دليلا على امكان الخطاب الترتبي واضحة الفساد ،
فان مبنى الاستنباط على فرض الاحكام على نهج القضايا الحقيقية. فهذه الدعوى أشبه
شيء بما يقال : من أن الغراب لا يقع في البئر فلا معنى لتقدير ما ينزح له عند فرض
وقوعه في البئر.
الثاني
:
ان الامر الترتبي
لو اقتضى ايجاب الجمع يلزم من الجمع بين المتنافيين في كل من طرف الوجوب والواجب
ومن الخلف في طرف الوجوب ، ما لا يخفى ، على ما تقدم تفصيله.
الثالث
:
ان ايجاب الجمع ينافي البرهان المنطقي ،
كما تقدم. فهذه الوجوه الثلاثة كلها تقتضي ان الامر الترتبي لا يوجب ايجاب الجمع ،
وبعد ذلك لا ينبغي لمن هو من أفضل العلماء الاصغاء إلى دعوى امتناع الخطاب الترتبي
من جهة استلزامه ايجاب الجمع.
نعم بقى في المقام : بعض الاشكالات التي
ربما تختلج في الذهن ونحن نوردها بلسان ( ان قلت ) ونجيب عن كل واحد منها.
فان
قلت :
ان ايجاب الجمع لا يتوقف على ثبوت
الاطلاق من الطرفين ، بل يكفي فيه ثبوت الاطلاق من طرف واحد. وفي المقام وان كان
خطاب المهم مشروطا بعصيان الأهم وخلو الزمان عنه ، الا ان خطاب الأهم مطلق ويعم
كلتا حالتي فعل المهم وعدمه. ففي رتبه تحقق خطاب المهم وهي رتبة عصيان الأهم ، يكون
خطاب