منهيا عنه ، ولمكان
انطباق ذلك الجامع على كل واحد من الأضداد الوجودية يسرى النهى إلى كل واحد من تلك
الأضداد ، لسراية النهى أو الامر المتعلق بالكلي إلى افراده ، فيكون كل واحد من
تلك الأضداد الوجودية منهيا عنه ، غايته انه لا بخصوصه ، بل لمكان انطباق المنهى
عنه عليه ، فيصح ان يقال : ان الامر بالشيء يقتضى النهى عن ضده الخاص مط ، سواء
كان الضدان مما لا ثالث لهما أو لم يكن فاسد.
فإنه يرد عليه :
أولا : ان هذا الجامع ليس من الأمور
المتأصلة التي يتعلق بها التكليف كالكلي الطبيعي ، بل هو من الأمور الانتزاعية ، والنهى
عن الجامع الانتزاعي يكون نهيا عن منشأ الانتزاع ، ومنشأ الانتزاع في المقام ليس
الا الأضداد الخاصة ، ولا ملازمة بين الامر بالشيء والنهى عن شيء منها.
وثانيا : ان النهى عن كل جامع وكلي انما
يكون بلحاظ المرآتية لما ينطبق عليه في الخارج ، كما أن الامر بكل جامع يكون كذلك ،
لوضوح ان الكلي بما هو هو من غير لحاظه مرآة لما في الخارج لا يتعلق به امر ولا
نهى ، لأنه كلي عقلي لا موطن له الا العقل ويمتنع امتثاله ، وفي المقام يكون
المرئي بذلك الجامع انما هو الأضداد الخاصة ، والامر بشيء لا يلازم النهى عن شيء
منها كما هو واضح. فتأمل ، فان ما افاده مد ظله في المقام لا يخلو عن اشكال.
هذا كله ، إذا كان بين الشيئين تناقض أو
تضاد ، وقد عرفت ان الامر بالشيء يقتضى النهى عن النقيض باللازم بالمعنى الأخص ، ويقتضيه
بالنسبة إلى الضدين الذين لا ثالث لهما باللازم بالمعنى الأعم ، حيث لم يكن بوضوح
النقيض كما عرفت ، وفي الضدين الذين لهما ثالث لا يقتضيه أصلا. واما فيما إذا كان
بين الشيئين عدم وملكة فالظاهر أنه ملحق بالنقيضين في الموضوع القابل لهما ، حيث
إن الامر بأحدهما يلازم النهى عن الآخر باللزوم بالمعنى الأخص ، فالامر بالعدالة
يلزمه النهى عن الفسق ، كما لا يخفى.