يستشكل في كون
الاجزاء مقدمة ، مع أنه لا بد من المغايرة بين المقدمة وذي المقدمة ، إذ لا يعقل
ان يكون الشيء مقدمة لنفسه ، فكيف تكون الاجزاء مقدمة للكل مع أنها ليست الا عين
الكل إذ الكل عبارة عن نفس الاجزاء بالأسر ، وح تكون الاجزاء واجبة بالوجوب النفسي
ولا معنى لوجوبها بالوجوب المقدمي بعد كونها عين الكل واتحادها معه هذا.
وقد
دفع الاشكال الشيخ ( قده ) على ما في التقريرات [١] بما حاصله : ان الكل هو عبارة عن
الاجزاء لا بشرط ، والجزء عبارة عنه بشرط لا ، فالاجزاء لها لحاظان : لحاظها بشرط
لا فتكون اجزاء ومقدمة ، ولحاظها لا بشرط فتكون عين الكل وذا المقدمة ، فاختلفت
المقدمة مع ذيها اعتبارا ولحاظا هذا.
وكان الشيخ ( قده ) قاس المقام بالهيولى
والصورة ، والجنس والفصل ، والمشتق ومبدء الاشتقاق ، حيث إنهم في ذلك المقام
يفرقون بين الهيولي والصورة ، وبين الجنس والفصل ، باللابشرطية والبشرط اللائية ، فان
اجزاء الانسان مثلا ان لوحظت بشرط لا ، تكون هيولى وصورة ، ويغاير كل منهما الآخر ،
ويمتنع حمل أحدهما على الاخر ، وحملهما على الانسان ، وحمل الانسان على كل منهما. وان
لوحظت لا بشرط تكون جنسا وفصلا ويصح حمل أحدهما على الاخر ، وحمل كل منهما على
الانسان ، وحمل الانسان على كل منهما. وكذا الحال بالنسبة إلى المشتق ومبدء
الاشتقاق على ما تقدم تفصيله في مبحث المشتق هذا.
ولكن لا يخفى عليك
ما فيه ، فان قياس الاجزاء في المقام بمثل الهيولي والصورة والجنس والفصل مع
الفارق ، فان معنى اللابشرط الذي يذكرونه في ذلك المقام انما هو بمعنى لحاظ الشيء
لا بشرط عما يتحد معه بنحو من الاتحاد ، سواء كان من قبيل اتحاد المشتق مع ما يجرى
عليه من الذات على اختلاف أنواعه : من كونه
[١] راجع مطارح
الأنظار ، الهداية الثانية من مباحث مقدمة الواجب ، « وتحقيق ذلك أن يقال .. » ص
٣٨ ـ ٣٧