وجوبها من سنخ وجوب
المقدمة ، وان افترقا فيما ذكرناه ، فالثواب والعقاب انما يكون على ذلك الواجب
المستقبل.
وحاصل الكلام : ان التكليف الشرعي
المتعلق بحفظ المقدمات المفوتة ليس تكليفا نفسيا استقلاليا ، بل يكون من متمم
الجعل ، ويكون كل من هذا التكليف المتعلق بحفظ المقدمات مع ذلك التكليف المتعلق
بنفس الواجب المستقبل ناشيا عن ملاك واحد ومناط فارد ، لا ان لكل منهما ملاكا يخصه
، حتى يكونا من قبيل الصوم والصلاة يستدعى كل منهما ثوابا وعقابا ، بل ليس هناك
الا ملاك واحد ، ولما لم يمكن استيفاء ذلك الملاك بخطاب واحد ، حيث إن خطاب الحج
في أيام عرفة لا يمكن ان يستوفى الملاك وحده مع عدم وجوب السير ، احتجنا إلى خطاب
آخر بوجوب السير يكون متمما لذلك الخطاب ، ويستوفيان الملاك باجتماعهما ، فليس
هناك الا ملاك واحد اقتضى خطابين ، وليس لهذين الخطأ بين الا ثواب واحد وعقاب فارد
، ويكون عصيان الخطاب المقدمي عصيانا للخطاب الآخر ، حيث إنه يمتنع الحج بنفس ترك
السير ، فبتركه للسير قد ترك الحج وتحقق عصيانه ، ولا يتوقف العصيان على مضى أيام
الحج إذ قد امتنع عليه الحج بسوء اختياره لتركه السير في أوانه ، فبنفس ترك السير
يتحقق عصيان الحج.
فان قلت :
لا اشكال في أن العقاب انما يكون لعصيان
الخطاب وترك المأمور به ، وح نقول في المقام : ان العقاب على أي شيء يكون؟ لا يمكن
ان يقال على عصيان خطاب السير وتركه له ، لان خطاب السير انما كان مقدميا ولم يكن
الملاك قائما به ، وليس في البين خطاب آخر يوجب العصيان ، لان الحج لم يكن له خطاب
فعلى قبل أيام عرفه ، لاشتراطه بها حسب ما تقدم من امتناع الواجب المعلق ، والمفروض
انه بتركه للسير قد امتنع عليه الحج فلا يعقل تكليفه بالحج ، ومن هنا اطبقوا على
رد الهاشم ، حيث ذهب إلى أن الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار خطابا وعقابا ، فالتارك
للسير ليس مخاطبا بالحج لعدم القدرة عليه ولو بسوء اختياره ، فإذا لم يكن مخاطبا
بالحج لم يكن معاقبا على تركه ، لان العقاب انما يكون على ترك المأمور به.