وهذا بخلاف القضية الحقيقية ، فإنها
تكون كبرى لقياس الاستنتاج ويستفاد منها حكم الافراد ، كما يقال : زيد مستطيع وكل
مستطيع يجب عليه الحج فزيد يجب عليه الحج ، ولا يتوقف العلم بكلية الكبرى على
العلم باستطاعة زيد ووجوب الحج عليه ، كما كان يتوقف العلم بكلية القضية الخارجية
على العلم بكون زيد في العسكر وانه قد قتل ، بل كلية الكبرى في القضية الحقيقية
انما تستفاد من قوله تعالى [١]
« ولله على
الناس حج البيت » الخ.
وبما ذكرنا ظهر
: ان ما أشكل على الشكل الأول الذي هو بديهي الانتاج من استلزامه الدور ـ حيث إن
العلم بالنتيجة يتوقف على العلم بكلية الكبرى ، والعلم بكلية الكبرى يتوقف على
العلم باندراج النتيجة فيها ـ فإنما هو لمكان الخلط بين القضية الخارجية والقضية
الحقيقية ، فان في القضية الحقيقية لا يتوقف العلم بكلية الكبرى على العلم باندراج
النتيجة فيها ، بل كلية الكبرى انما تستفاد من مكان آخر كما عرفت. نعم في القضية
الخارجية العلم بكلية القضية يتوقف على العلم بما يندرج تحتها من الافراد ، وقد
عرفت : ان القضية الخارجية لا تقع كبرى القياس ، ولا يتألف منها القياس حقيقة ، وانما
يكون صورة قياس لا واقع له ، فان القضايا المعتبرة في العلوم التي يتألف منها
الأقيسة انما هي ما كانت على نحو القضايا الحقيقية ، فيرتفع الاشكال من أصله ، ولا
حاجة إلى التفصي عن الدور بالاجمال والتفصيل ، كما في بعض كلمات أهل المعقول.
وقد وقع الخلط بين القضية الخارجية
والحقيقية في جملة من الموارد ، كمسألة امر الآمر مع علمه بانتفاء الشرائط ، وكمسألة
التمسك بالعام في الشبهات المصداقية ، وكمسألة الشرط المتأخر ، وغير ذلك مما يأتي
الإشارة إليه كل في محله. فان هذه الفروع كلها تبتنى على تخيل كون القضايا الشرعية
من قبيل القضايا الخارجية ، وهو ضروري البطلان ، لوضوح ان القضايا الواردة في
الكتاب والسنة انما