بنفسه قد أنكر
الاطلاق ، فراجع عبارة التقرير في هذا المقام ، فإنها ربما لا تخلو عن توهم
التناقض [١].
وعلى كل حال ، لا موقع لأصالة التوصلية ،
كما أنه لا موقع لأصالة التعبدية ، كما ربما يظهر من بعض الكلمات ، نظرا إلى أن
الامر انما يكون محركا لإرادة العبد نحو الفعل ، ولا معنى لمحركية الامر سوى كون
الحركة عنه ، إذ لولا ذلك لما كان هو المحرك بل كان المحرك هو الداعي الاخر.
والحاصل : ان الامر بنفسه يقتضى ان يكون
محركا للإرادة نحو الفعل ، فإذا كانت حركة العبد نحو الفعل لمكان الامر كان الامر
محركا ، والا لم يكن الامر محركا ، وهذا خلف لما فرض ان الامر هو المحرك ، ولا
نعنى بقصد الامتثال سوى كون الحركة عن الامر هذا.
ولكن لا يخفى عليك ما فيه.
اما
أولا : فلان ذلك يقتضى انحصار التعبدية بقصد الامر ، كما هو مقالة صاحب الجواهر ، والحال
انه لا ينحصر التعبدية بذلك كما تقدمت الإشارة إليه.
[١] ذكر الشيخ قدسسره في التقريرات حسب ما نقل عنه المحقق
المقرر :
« ويظهر من جماعة أخرى ان
الامر ظاهر في التوصلية ولعله الأقرب ».
ثم قال بعد سطور :
« واحتج بعض موافقينا على
التوصلية بان اطلاق الامر قاض بالتوصلية .. » ورده :
بان « الاستناد إلى اطلاق
الامر في مثل هذا التقييد فاسد ، إذ القيد مما لا يتحقق الا بعد الامر. توضيحه : ان
الاطلاق انما ينهض دليلا فيما إذا كان القيد مما يصح ان يكون قيدا له ، كما إذا
قيل : أكرم انسانا ، أو أعتق رقبة ، فإنه يصح ان يكون المطلق في المثالين مقيدا
بالايمان والكفر والسواد والبياض ونحوها من أنواع القيود التي لا مدخل في الامر
فيها ، وأما إذا كان القيد من القيود التي لا يتحقق الا بعد اعتبار الامر في
المطلق ، فلا يصح الاستناد إلى اطلاق اللفظ في دفع الشك في مثل التقييد المذكور ، وما
نحن فيه من قبيل الثاني .. ».
ثم أفاد في آخر البحث :
« فالحق الحقيق بالتصديق هو
ان ظاهر الامر يقتضى التوصلية ، إذ ليس المستفاد من الامر الا تعلق الطلب الذي هو
مدلول الهيئة للفعل على ما هو مدلول المادة ، وبعد ايجاد المكلف نفس الفعل في
الخارج ، فلا مناص من سقوط الطلب لامتناع تحصيل الحاصل ». راجع مطارح الأنظار ـ ص
٥٩ ـ ٥٨