responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 94

المجازات عموم من وجه و مثاله الشّهرة في المجاز المشهور عند الأكثر القائلين بالتّوقف فإنّها ليست بحيث تغلب على الوضع عندهم بأن تكون منشأ لظهور اللّفظ في خلاف الموضوع له عند احتماله و لكنها صالحة للترجيح و التعيين بعدم قيام القرينة المانعة عن إرادة الحقيقة فلا يصار عن المجاز المشهور أو عمّا دونه من المجازات الّتي شاعت في العرف إلى غيره بعد القطع بعدم إرادة الحقيقة فالأمر الوارد في الأدلّة الشرعيّة بعد العلم بعدم كونه مستعملا في الوجوب يتعيّن حمله على النّدب و إن لم يكن من المجاز المشهور الّذي ذهب الأكثر فيه إلى التوقف و مثل الشجاعة فإنّها لا تصلح لصرف لفظ أسد عن معناه الحقيقي لكنّها صالحة للترجيح و التّعيين بعد قيام القرينة الصّارفة و لذا لا يحمل أسد في الحمّام على الرّجل البخر مثلا مع عدم منافاة الكون في الحمّام لإرادة البخر فالمقتضي لظهور اللّفظ في المعنى المجازي قد يكون صارفة خاصّته و قد يكون معينته كذلك فالحمّام صارفة خاصّة و الشّجاعة معيّنة كذلك و المدار في الجميع على التّبادر و الظّهور العرفي فإن حصل عمل بمقتضاه سواء عارضه جهة الوضع أم لا و الدّليل على جواز التعويل على الظّهور في المجازات هو الدّليل على حجيّة الظّهور في الحقائق الّتي تسمّى بالأصول اللّفظية كأصالة الحقيقة و أصالة العموم و نحوهما من إجماع العلماء و بناء العقلاء و استقرار سيرة أهل اللّسان فإنّ الغرض صيرورة اللّفظ بملاحظة تلك القرينة من الظّواهر العرفية الّتي يعول العرف عليها فتكون حجّة على ما تحقّق في محلّه من حجيّة بناء العقلاء و لو كان ذلك في العمل بالظّنون و يمكن تفسير الأصل اللّفظي بمعنى يشمل الحقائق و المجازات كلّها كما لا يخفى و أمّا منشأ الظّهور و التّبادر فلا يندرج تحت ضابط خصوصا الظّواهر الشّخصيّة بل لا يعقل له حدّ ينحصر فيه نعم الظّواهر النوعيّة من المجازات في غاية القلّة بحيث يمكن إنكارها رأسا و لذا اختلفوا في المجاز المشهور و الأمر الواقع عقيب الحظر نعم الظّاهر أنّه لا إشكال و لا خلاف في كون المجاز الشّائع من الظّواهر العرفية بعد تعذّر الحمل على الحقيقة كما مرّ و هذا ما يقال من أنّ الحقيقة إذا تعذّرت فأقرب المجازات إذ المراد بالقرب هو القرب بحسب إفهام السّامعين المسبّب من كثرة الاستعمال لا القرب الاعتباري العقلي و إن كان منشأ كثرة الاستعمالات غالبا هو القرب الاعتباري كما يفصح عن ذلك شيوع أسد يرمي في الشجاع دون البخر فإنّ الأول أقرب من الأسد اعتبارا (و أمّا) ما ذكروه في البيان في مبحث الاستعارة من أنّ وجه الشّبه لا بدّ أن يكون من أظهر أوصاف المشبّه و المشبّه به ليحصل به الانتقال من الثاني إلى الأوّل فإنّما أرادوا به الأظهريّة في نظر العرف دون الواقع و نظر العقل و منه يظهر أنّه لا يجوز ترجيح تقدير جميع الآثار على تقدير المؤاخذة أو الأثر الظّاهر في حديث الرّفع بملاحظة كونه أقرب من الحقيقة اعتبارا لأنّ ما لا يترتّب عليه شي‌ء من آثار الوجود أقرب بالمعدوم ممّا لا يترتّب عليه بعض الآثار نعم قد يتسبّب الظّهور العرفي من غير كثرة الاستعمال كظهور قوله (عليه السلام) لا غيبة لفاسق مثلا في نفي الحرمة فإن منشأه ليس كثرة استعمال هذا التّركيب في نفي الحرمة بل كون الحرمة في المنفي أعني الغيبة من أظهر أوصافه و بالجملة المناط هو الظّهور العرفي سواء حصل من الشّهرة أو من القرب العقلي أو من شي‌ء آخر و من أجلّ السّادات المحقّقين من جعل الاشتهار في مقابل الظّهور و التبادر و قال ما حاصله أنّ المقتضي لتعيّن المجاز مع تعذر الحقيقة أمور ثلاثة (أحدها) التبادر و جعل منه تعيّن رأيت أسدا في الحمّام في الرّجل الشجاع لأنّ المتبادر منه ذلك (و ثانيها) الاشتهار قال و هو مقتضى للتعيين و لو لم يتبادر (و ثالثها) القرب من الحقيقة قال و إنّما يقتضي ذلك تعيّن المعنى القريب باعتبار كونه مظنة للاشتهار إلى آخر ما ذكره و بما حقّقنا ظهر ما في هذا التحقيق لأنّ المقتضي لتعيين المجاز ليس سوى التّبادر العرفي و الاشتهار إنّما يكون مقتضيا للتعيّن إذا كان سببا للتّبادر و الظّهور العرفي لا مع قطع النّظر عنه و السّر فيه ما ذكرنا من أنّ استكشاف المرادات منحصر في الظّواهر العرفية فمع قطع النظر عن الظّهور العرفي لا عبرة بالشّهرة كما لا يخفى عبرة بغيره من القرب و نحوه (ثمّ) إنّ الاقتصار على القرب أيضا لا وجه له لما عرفت من أنّ الظّهور و التبادر قد ينشأ أن من غير القرب أيضا فلا محصّل لما ذكره من حصر المقتضي في الثلاثة و من المحققين من أورد

على قوله و إنّما يقتضي ذلك تعيين المعنى القريب باعتبار كونه مظنة للاشتهار بأن القرب أعني تأكد الشّباهة و المناسبة بنفسه من مقتضيات الحمل على المعنى القريب سواء صار منشأ للاشتهار أم لا و بما ذكرنا تعرف ما فيه أيضا لأنّ القرب المعنوي ما لم يوجب الظهور و التبادر العرفي لا يعول عليه في تعيين المجاز و إن أراد ثبوت الملازمة بينهما بمعنى استلزام تأكد المناسبة و الشباهة للتبادر فهو أيضا ممنوع كما أشرنا إليه في حديث الرّفع فإن الشي‌ء المسلوب الآثار أقرب بالمعدوم من المسلوب عنه بعض الأثر مع أنّ المتبادر من رفع الشّي‌ء عرفا ليس هو رفع جميع الآثار بل إنّما يكون بعضها إذا كان الأثر المقصود أثرا ظاهرا لذلك الشّي‌ء المرفوع و الحاصل أنّ المناط هو الظّهور العرفي من أيّ شي‌ء حصل و لا عبرة بما عداه من تأكد المناسبة أو الاشتهار و إن كان التبادر في غيرهما موجودا و اللّه الهادي‌

بديعة في تعارض الأصول اللّفظية

و ما يجري مجراها من الأصول المستعملة في إثبات الأوضاع و نفيها كأصالة عدم الاشتراك و النقل إذا توقف فهم المراد على استعمالها و يدخل فيه البحث المعروف بتعارض الأحوال لأنّ المراد بهذه الأحوال أمور يخالف كلّ واحد منها أصلا من الأصول اللّفظية كالاشتراك و النقل و التخصيص و المجاز و الإضمار فمعارضة بعضها مع بعض يرجع إلى تعارض الأصول اللّفظية و قد يعبّر عنها بمسائل الدّوران و إنّما أفردوا التخصيص و الإضمار مع أنّهما قسمان من‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 94
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست