responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 91

في استحالة نقض الغرض أو قبحه و قبح الإغراء بالجهل فلو كان في الخطاب الشفاهي المفروض كونه في مقام البيان ظنّ فإنّما هو ظنّ بدوي ينقلب بعد التأمّل إلى العلم العادي أي الجزم النّاشئ من استقراء العادة المنبعثة من قبح الخطاب بما له ظاهر و إرادة خلافه و أمّا ذم العبد المتقاعد عن الامتثال فإنّما هو لأجل شهادة العادة بكذبه و لو سلّم أنّ العقلاء يذمونه بعد الاعتراف بشكّه أيضا فإنّما هو لأجل عدم سؤال العبد مع الإمكان و عدم الاحتياط مع عدمه لا لأجل قيام الحجّة عليه و هو اللّفظ المجرّد عن القرينة فالذّم المذكور مستند إلى عدم حكم العقل بقبح عقاب عبد شاك في مراد مولاه غير فاحص أو باحث عن المراد مع الإمكان أو غير محتاط مع عدم الإمكان لا يقال هذا الكلام يقضي بعدم جريان أصل البراءة فيما أجمل فيه الخطاب لأنّ اللّفظ المجرّد عن القرينة إذا لم يكن عند العقلاء محمولا على المعنى الحقيقي في صورة الشكّ كان اللّفظ الّذي لا يقارنه العلم من المجملات العرفيّة (قلت) لا مضايقة في عدم جريان أصل البراءة في المجملات الشفاهية و ما تحقق في محلّه من جريانها عند إجمال النّصّ فإنّما هو في النصّ الغير الشفاهي لاحتمال كونه حين صدوره مبيّنا في عدم التكليف فوجوده كعدمه في البيان الّذي يرفع حكم العقل بقبح العقاب و أمّا الخطاب الشفاهي المعلوم عدم كونه مبنيّا لا في التكليف و لا في عدمه فلا بعد في استقلال العقل في مثله لوجوب السّؤال إن أمكن و الاحتياط إن لم يمكن (فإن قلت) ما ذا تقول إذا بادر العبد إلى الامتثال في صورة عدم العلم مطلقا فهل يجوز للمولى معاتبته بعد الاطّلاع على ما في ضميره من عدم العلم و عدم جواز العقاب و المؤاخذة دليل على أنّ اللّفظ المجرّد حجة قاطعة للعذر متكلّما و مخاطبا (قلت) لا نسلّم عدم جواز العقاب و المؤاخذة على تقدير اعتراف العبد عدم علمه و إنّما يقبح العقاب مع دعوى العبد حصول العلم له من الخطاب فإنّ دعوى ذلك مطابقة لما تقتضيه العادة فيجب تصديقه و من هنا يعلم أنّ عدم سماع الإنكار بعد الإقرار عرفا ليس دليلا على كون الخطاب الغير المفيد للعلم حجّة لأنّ اللّفظ من أمارات العلم العادي بالمراد مع إحراز كون المقام مقام التفهيم (و من الواضح) أنّ مصادمة الأدلّة العلميّة و لو بحسب جريان العادة ساقطة في أنظار العرف و لذا لا تسمع دعوى عدم القصد في الخطابات القبيحة الّتي يريد المتكلّم بها الاعتذار عنها بعدم قصد المعنى و ممّا ذكرنا ظهر أنّ أصالة الحقيقة في هذا الفرض أعني فرض عدم القرينة واقعا في الخطاب الشّفاهي ليس بمعنى واحد بل يختلف معناه باختلاف الصّور فيرجع في بعضها إلى أصالة عدم السّهو و الغفلة و في الآخر إلى أصالة كون المتكلّم في مقام التّفهيم و قد يرجع إلى قاعدة استحالة نقض الغرض إلا أنّ اختلاف المعنى باختلاف الغرض مع مشاركة الكلّ في الحجيّة و الاعتبار لا يمنع عن التعبير بالنّتيجة و هو حمل اللّفظ على المعنى الحقيقي بالأصل (ثمّ إنّه لا يذهب عليك) أنّ فائدة هذا الأصل لا يجري في غير الخطابات الشّفاهيّة كالأخبار و كذلك الكتاب على ما عليه الأكثر نعم يثمر ذلك في الأقارير و الدّعاوى و البيّنات و الأوقاف و البيوع و الوصايا و نحوها و كذلك الكتاب على القول بأنّه مثل كتب المصّنفين لأنّ وضع هذه الكتب لتفهيم كلّ من يراجع إليها يجري مجرى الخطابات الشفاهيّة بالنّسبة إلى الكلّ و هو واضح‌

و منها أصالة عدم القرينة

عند احتمال وجودها و هذا في الجملة ممّا قضت به الضّرورة فضلا عن الإجماع و إنّما الكلام في اعتباره مطلقا أو في الخطابات الشفاهيّة خاصّة أو بشرط حصول الظنّ أو نحو ذلك من التفاصيل الّتي تعرفها (و تفصيل القول فيه) أنّك قد عرفت أنّ اللّفظ المجرّد عن القرينة محمول على إرادة المعنى الحقيقي لا محالة فاللّفظ بمنزلة المقتضي و القرينة بمنزلة المانع فإن علم عدم القرينة فالكلام فيه قد ظهر و إلاّ فاحتمالها قد يكون في الخطاب الشفاهي و ما يجري مجراه و قد يكون في غيره فإن كان في الخطاب الشّفاهي فلا خلاف في حجيّته في الجملة و السّر فيه أنّ السّامع إذا شكّ في وجود القرينة فلا جرم يكون شكّه سببا عن احتمال غفلته عنها أو غفلة المتكلّم و قد عرفت أنّ احتمال الغفلة و السّهو احتمال بعيد مدفوع بالأصل المركوز في أذهان النّاس العمل به من حيث لا يشعر و إن كان في غير الخطاب الشّفاهي كالكتاب و السّنة بالنّسبة إلينا و كذا كل كلام قصد به إفهام مخاطب أو مخاطبين مخصوصين بالنّسبة إلى غيرهم فالظّاهر أيضا عدم الخلاف و الإشكال في حجية أصالة عدم القرينة حينئذ في الجملة نعم ربما يظهر من صاحب المعالم و المحقّق القمّي (رحمه الله) عدم الحجيّة هنا و اختصاصها بالمقام الأوّل أعني الخطاب الشّفاهي و ما يجري مجراه على ما استظهره شيخنا دام ظلّه من كلام الأوّل في دليل الانسداد و من كلام الثّاني في أواخر مسألة حجية الكتاب و أوّل مسائل الاجتهاد و التقليد لكن المتأمّل في كلاهما ربما يقضي بشي‌ء آخر غير التفصيل في اعتبار أصالة عدم القرينة بين الخطاب الشّفاهي و غيره و هو إنكار حجيّة الأصل المزبور رأسا إلاّ من جهة اندراجه تحت الظنّ المطلق القائم على اعتباره دليل الانسداد و كون حجيّة ظاهر الخطاب للمخاطب من جهة إفادته العلم بالمراد لأنّ صاحب المعالم بعد ما ادّعى انسداد باب العلم بالأحكام أورد على نفسه بأنّ الحكم المستفاد من ظاهر الكتاب معلوم بضميمة قبح الخطاب بما له ظاهر و إرادة خلافه و بأنّه على تقدير كونه ظنيّا فهو ظنّ مخصوص قام على اعتباره القاطع كالبيّنة (ثمّ أجاب عنه) بأنّ الكتاب من قبيل الخطابات الشّفاهيّة و قد تقدّم أنّها مختصّة بالحاضرين و لا ريب أنّ كلامه هذا لا يدلّ على قوله بأنّ الخطاب الشّفاهي إذا أفاد الظنّ فهو حجّة في حقّ المخاطب خصوصا بعد ملاحظة ذكره في السّؤال مقدّمة قبح الخطاب بما له ظاهر بل الظّاهر اعترافه بأن الحكم‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 91
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست