responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 78

دليلا على الوضع إشكال آخر لأن الجاهل بالاصطلاح إذا راجع إلى متفاهم أهل اللّسان و وجد ظهور اللّفظ في المعنى فكيف يحرز كون ذلك الظّهور مستندا إلى الوضع لا إلى قرينة خفية حالية أو مقالية ففيه أنّ هذا إشكال في استعمال هذه العلاقة و التمسّك بها في إثبات الأوضاع اللّغوية لا في كونه دليلا مع أنّ دعوى اطّراد الشّك في جميع موارد التّبادر مكابرة لأنّ العلم بانتفاء القرينة أمر غير عزيز كما لا يخفى و قد يتفصّى عن الإشكال بما ذكره المحقّق القمي (رحمه الله) و تلاه غير واحد من المحقّقين بالاكتفاء بمطلق الظّن في نفي القرينة أو بخصوص أصالة العدم الّتي لا إشكال في متابعتها عند العقلاء خصوصا في مباحث الألفاظ الّتي مدارها على الظّن (أقول) يرد عليهم أنّ الاعتماد على مطلق الظّن فيما يتعلّق بالأوضاع قد ظهر فساده بما لا مزيد عليه (و أمّا) الإشكال على أصالة عدم القرينة ففيه ما عرفت من المعارضة بأصالة عدم الوضع إلا أن يقال إنّ الوضع معلوم إمّا لهذا المعنى المتبادر أو لغيره فلا يجري فيه الأصل أو لا ينفع باعتبار ابتلائه بمعارضة أصالة عدم الوضع لغيره فيبقى أصالة عدم القرينة سليمة عن المعارض و من هنا يتجه التّفصيل بين ما إذا لم يعلم السّامع وضعه لمعنى آخر فلا ينفع أصالة عدم الوضع و بين ما إذا علم بوضعه لمعنى آخر فينفع و مرجعه إلى ما ذكروه في تعارض الأحوال من أولويّة المجاز عن الاشتراك فلا وجه لإطلاق الحكم بترجيح جانب الوضع في كلام الجماعة إلا أنّ الصّورة الثانية لا مسرح للتّبادر فيها لاختصاصه بمتّحد المعنى و لا يأتي في المشترك فالتفصيل لا وجه له لكن الاعتماد على أصالة العدم قبل إحراز المقتضي أمر قابل للمناقشة كما مرّ بل مع إحرازه أيضا إلاّ في بعض المقامات كالمقام الثّاني الآتي و هو الشكّ في أنّ المتكلّم أراد المجاز أو الحقيقة لا الشكّ في أنّ المراد معنى حقيقي أو مجازي نعم لو شكّ في أنّ منشأ التبادر هو الوضع أم كثرة الاستعمال و الشّهرة رجّح جانب الوضع مطلقا لدوران الأمر حينئذ بين قلّة الحادث و كثرته و هذا ما يقال من أنّ الأصل في التّبادر أن يكون وضعيّا لا إطلاقيا ناشئا من كثرة الاستعمال و لكنّه أيضا بعد المساعدة على اعتبار أصالة العدم عند العقلاء بقول مطلق حتى فيما لا يرجع إلى أصالة عدم المانع أو إلى ما يتعلّق بالمرادات في مباحث الألفاظ و قد يتشخّص كون التبادر إطلاقيا أو وضعيّا من صحّة السّلب و عدمها و ذلك في المطلقات المنصرفة إلى الأفراد السابقة إذا شكّ في بلوغ الانصراف درجة النقل فيعرفان فبعدم صحّة سلب معنى اللّفظ عن الفرد النادر يعرف كون التبادر إطلاقيا و بصحته يعرف كونه وضعيّا فافهم و اللّه الهادي فيما أشكلت من الأمور إلى أزكاها

و منها صحّة النّفي و عدمها

فالأوّل دليل على المجاز و الثاني على الحقيقة ذكره العامّة و الخاصّة و زاد العضدي قيد في نفس الأمر احترازا عن السّلب المبني على نحو من الادّعاء و التّنزيل مثل قولهم للبليد ليس بإنسان كما هو الشّائع في العرف و اللّغة تنزيلا للبليد منزلة الحيوان باعتبار فقدانه صفة الإدراك الّذي هو من خصائص الإنسان و هذا الكلام لا غبار عليه إلا أنّ محافظة الحدود عن القيود المستدركة أولى فينبغي تركه كما تركه الكلّ أو الجلّ لأنّ المتبادر من النّفي و السّلب الحقيقيّان و إلى ذلك يشير قول المحقّق القمّي (رحمه الله) في إثبات استدراك القيد أنّ الأصل في الاستعمال الحقيقة و يحتمل أن يكون مراده إجراء الأصل في القضيّة السّلبيّة و هو أيضا جيّد لأنّا إذا رأينا سلب الإنسان عن الشاذ و شككنا في كونه سلبا حقيقيّا أو ادّعائيا أو مجازيا حملناه على الوجه الأوّل فلا حاجة حينئذ إلى هذه الفضلة فمتابعة بعض من تأخّر عنه للعضدي في اعتبار هذا القيد ثم مؤاخذته للمحقّق القميّ (رحمه الله) في دعواه الاستدراك من فضول الكلمات إلاّ أن يلاحظ على الاحتمال الثّاني صورة العلم بكون السّلب ادّعائيا إذ لو لا القيد المذكور لانتقض العلامة بذلك فافهم و كيف كان فقد أورد على هاتين العلامتين إشكالات (منها) لزوم الدّور و تقريره على بيان أتمّ و أوضح ما في حاشية المحقّق الشّريف و حاصله أنّ المراد بصحّة السّلب ليس سلب اللّفظ عن مورد الاستعمال و لا سلب بعض معانيه و لا سلب مطلق معانيه الشّامل للحقيقة و المجاز كما يظهر جميع ذلك بالتأمّل بل سلب جميع معانيه الحقيقية و العلم بسلب جميع المعاني عن مورد الاستعمال موقوف على العلم بعدم كونه شيئا منها و العلم بعدم كونه شيئا منها موقوف على العلم بكون اللّفظ مجازا فيه و إثبات كونه مجازا بعرفان صحّة السّلب يستلزم دورا مضمرا بواسطتين (ثمّ) قال و ورود هذا الاعتراض على الحقيقة أظهر لأنّ العلم بعدم صحّة سلب جميع المعاني الحقيقية عن المستعمل فيه يتوقف على العلم بكونه من المعاني الحقيقة فإثبات كونه حقيقة فيه بعدم صحّة السّلب يستلزم دورا صريحا بغير واسطة (أقول) إن أراد بالدّور في المقام توقف الشي‌ء على نفسه صحّ ما قال في المجاز من لزوم الدّور بواسطتين لأنّه إذا توقف على ب و ب على ج و ج على أ فقد توقف أ على نفسه بواسطتين و هما ب و ج و لكن ما ذكره في الحقيقة حينئذ غير صحيح لأنّ توقف معرفته الحقيقة على نفسها باعتبار توقفها على عدم صحّة السّلب الّذي يتوقف عليها توقف مع الواسطة أيضا لأنّ أ إذا توقف على نفسه باعتبار توقفه على ب الّذي يتوقف عليه كان ب في البين واسطة في تحقق التوقف بل لا يتصوّر دور إلاّ و فيه واسطة فلا يكون مصرحا و إن أراد بالدّور توقف الشي‌ء على ما يتوقف عليه فما ذكره في المجاز غير واضح لأنّ توقف أ على ما يتوقف عليه أعني ج في المثال المزبور ليس إلاّ بواسطة واحدة و هي ب و إن كان هذا مجرّد اصطلاح بأن يقال إنه إذا توقف الشي‌ء على ما يتوقف‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 78
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست