responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 76

المجاز المشهور لأنّه إذا جاز استعمال اللفظ في المعنى الحقيقي بلا قرينة جاء الاحتمال الموجب للتوقّف و الإجمال في جميع الاستعمالات فيشكل الفرق حينئذ بين القول بالتّوقف و القول بالحمل على المعنى المجازي فلا بدّ في إبداء الفرق بين المذهبين حينئذ أن يقال إنّ النزاع في المجاز المشهور صغرويّ ففرقة تمنع إمكان رجحان المعنى المجازي على الحقيقة قبل الوصول إلى درجة النقل و الهجر و أخرى تدعي إمكانه مع التوقف في الاستعمال نظرا إلى عدم الاعتداد بذلك الرّجحان النّاشئ من كثرة الاستعمال و ليس فيه كلّ البعد فاحفظ و اغتنم (و التّحقيق) أنّ النّزاع صغروي بمعنى آخر كما يظهر من توجيه الأقوال الثلاثة بما ذكرنا و هو كون المجاز المشهور ظاهرا في المعنى الحقيقي أو المجازي أو مجملا فأبو حنيفة يدعي بقاء ظهور اللّفظ في المعنى الموضوع له كما أنّ أبا يوسف يدّعي الظّهور في المعنى المجازي و المشهور يقولون بالإجمال فمن زعم تسالمهم على ظهوره في المعنى المجازي و أن اختلافهم إنّما هو في الحكم بعد التّسالم عليه كما يشعر بذلك اعترافهم بتبادر المعنى المجازي و اعتذارهم عنه بالاستناد إلى ملاحظة الشهرة فقد التبس عليه الأمر كلّ الالتباس كيف و بعد التّسالم على الظّهور اللّفظي لا ينبغي الخلاف في اعتباره إجماعا (و العجب) أنّهم مع توقفهم في المجاز المشهور كيف اعترفوا بتبادر المعنى المجازي حتّى اعتذروا عنه بما عرفت أم كيف فرقوا بينه و بين المنقول بما ذكرنا قبل التنبيهات و دعوى تألمهم على الظّهور مع توقفهم في الحكم كيف يجامع دعواهم الإجماع بل الضّرورة على حجيّة الظواهر العرفية ففي كلماتهم تشويش من جهات لم أجد متفطّنا لها و اللّه الهادي (و يمكن) التئام هذه الكلمات بأحد أمرين (أحدهما) أن يكون الملحوظ في الإيراد التّبادر الموجود في المجاز المشهور عند غير الملتفت بالوضع أو الغافل لا الملتفت مع قطع النظر عن الوضع على أن يكون مرادهم بتبادر المعنى المجازي مع قطع النظر عن الوضع الغفلة عنه لا مجرّد قطع النظر و لو مع الالتفات إلى الوضع فإنّ تسليم التّبادر في المجاز المشهور حينئذ يجامع القول بالتّوقّف مع العلم بالوضع و الالتفات إليه كما يظهر بالتّأمّل (و الثّاني) حمل كلامهم في المجاز المشهور بعد التّسالم على تبادر المعنى المجازي على الاختلاف في أنّه ظهور لفظي حتّى يتبع أو ظهور غير لفظي حتّى يلقى و يؤخذ بالمعنى الحقيقي أو يتوقف بينه و بين المجاز فأبو حنيفة يدعي كون التبادر في المجاز المشهور تبادرا حاصلا من أمارة خارجة عن الظّنون اللّفظية كالغلبة و أبو يوسف يدعي أنه من الظّواهر اللّفظيّة نظرا إلى أنّ اللّفظ مع ملاحظة الغلبة تعدّ من الظّواهر العرفية في المعنى المجازي و الأكثر يدّعون الإجمال باعتبار منع الظّهور أو منع كونه لفظيّا ثم إنّ الفرق بين المجاز المشهور و المنقول من حيث الماهيّة و الحدّ قد ذكرناه قبل التنبيهات و أمّا الفرق بينهما من حيث العمل على وجه يثمر في الأدلّة على القول الأوّل و الثالث واضح لأنّ اللّفظ إن كان مجازا مشهورا حمل على المعنى الأوّل عند أبي حنيفة و يكون مجملا عند المشهور و إن كان منقولا حمل على المعنى الثّاني على القولين و أمّا الفرق بينهما على القول الثّاني (ففيه نظر) و تأمّل لأنّ اللّفظ على التقديرين يحمل على المعنى الثاني و يحتاج في حمله على المعنى الحقيقي إلى القرينة فلا ثمرة عمليّة بينهما في الأدلّة و مثل هذا الإشكال يجري في المجاز المشهور الّذي يتبادر منه المعنى المجازي لو قلنا بإمكانه كما سمعت عن المحقّق المذكور في تفصيله المزبور و قد يفرق بينهما كما في القوانين و غيره بأنّ القرينة الّتي يحتاج إليها المعنى الحقيقي في المجاز المشهور نافية لحكم الشهرة الّتي هي قرينة صارفة للفظ عن الحقيقة و مقتضى للحمل عليه في المنقول و هو كما ترى لا يترتب عليه ثمرة عمليّة كما لا يترتب أيضا على الفرق المتقدّم من استناد تبادر المعنى الثّاني في المجاز المشهور إلى ملاحظة الشّهرة و إلى نفسها من دون توسيط الملاحظة في المنقول و أمّا الفرق بينهما بجواز استعمال اللّفظ في المعنى الحقيقي بلا قرينة في المجاز المشهور أخذا بمقتضى بقاء الوضع بخلاف المنقول فإنّه لا يجوز فيه ذلك إلا بالقرينة كما ذكره المحقّق القمي (رحمه الله) أيضا فهو أيضا لا يثمر في مقام العمل و في الأحكام مضافا إلى ما فيه من البعد أو الاستحالة الواضحة لأنّ ذكر اللّفظ و إرادة خلاف الظّاهر لا يفرق في قبحه و امتناع صدوره من الحكيم بين الظّاهر الحقيقي و المجازي و كيف كان (فلا يذهب عليك) أنّ البحث في المجاز المشهور مختصّ بغير الخطاب الشّفاهي الّذي يحتمل فيه احتفافه بقرينة

المراد فلا يجري في الخطابات الشّفاهيّة لأنّ التكلّم بالمجمل العرفي في مقام التّفهيم و التفهّم بدون قرينة المراد نقض للغرض فيستحيل صدوره من المختار فضلا عن العاقل و الحكيم فافهم و استقم‌

الثّاني‌

أنّ هذه العلامة كما تجري في المدلول المطابقي كذلك تجري في المدلول الالتزامي و التضمّني فيثبت بها أنّ المدلول المطابقي يلزمه ذلك اللاّزم أو يتضمّن ذلك الجزء و لذا يستدلّ بالتّبادر على دلالة الأمر على الوجوب بالالتزام و على دلالة الجملة الشرطية على الانتفاء عند الانتفاء كذلك لأنّ عدم الرّضا بالتّرك لازم لمدلول الأمر المطابقي أعني الطّلب المتأكّد و كذا الانتفاء عند الانتفاء لازم للعليّة الّتي تدلّ عليها الجملة الشرطية بالمطابقة و من هنا قد يخالج بالبال كما اختلج قد خلج ببال بعض ورود الإشكال على هذه العلامة لأنّها تجري في اللاّزم مثلا مع عدم كونه معنى حقيقيّا و كذا المدلول التضمّني و لكنّه هيّن لأنّ التبادر دليل على كون فهم المتبادر مستندا إلى وضع الواضع لا إلى القرينة فيختلف الاستناد على حسب اختلاف التبادر فإن كان تبادره من اللّفظ على وجه الاستقلال أي بدون تبعيّة تبادر شي‌ء آخر دلّ على كون المتبادر معنى استقلاليّا للفظ و إن كان على وجه التّبعيّة دلّ على استناده إلى الوضع تبعا فكلّ قسم من‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 76
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست