responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 71

على قول ابن جنّي أيضا مجملة هذا في متحد المعنى و أمّا متعدّده فقد صرّح غير واحد من الأعلام بأنّه لا ثمرة فيه بين الأقوال للزوم التّوقف في الاستعمال المجرّد عن القرينة على جميع الأقوال و فيه نظر لأنّ الاستعمال المجرّد إذا كان معه ما يمنع عن إرادة أحد المعنيين محمول على المعنى الآخر عند السّيّد و مجمل عند غيره لأنّ المشترك يتعيّن في بعض معانيه إذا امتنع إرادة غيره و اللّه الهادي‌

و من الطّرق الظّنيّة أيضا صحّة الاشتقاق و عدمه‌

فالأوّل دليل الحقيقة و الثّاني دليل المجاز فمادة الأمر حقيقة في الطّلب لصّحة الاشتقاق منه و مجاز في الفعل لعدم الاشتقاق ذكره بعض و فيه نظر واضح هذه عمدة ما يعول عليه في معرفة الوضع بالمعنى الأعمّ من الطّرق الظّنيّة و قد ذكروا أشياء أخر يفيد الظّنّ بها كالقياس و الشّهرة و غيرهما و ممّا ذكرنا يعرف الحال فيها لأنّ الاعتداد بها مبنيّ على حجيّة الظّن مطلقا في اللّغات و قد عرفت ما فيه‌

و أمّا العلائم العلميّة

فهي أيضا كثيرة نذكر منها شطرا نافعا لعموم الابتلاء بها

منها التبادر

من المبادرة بمعنى المسابقة و المراد به هنا إمّا حضور المعنى في الذّهن من اللّفظ المجرّد عن القرينة أو انتقال الذهن أي ذهن السّامع إلى المعنى و على التّقديرين فالإطلاق مبني على ضرب من المسامحة و التنزيل و التشبيه فكأن كلّ من المعنى و الذّهن يسبق إلى الآخر من بين المعاني أو الأذهان فالمسبوق عليه على الأوّل سائر المعاني و على الثّاني أذهان غير السّامع و منه يعلم أنّ نسبة السّبق إلى المعنى أولى من نسبته إلى الذّهن هذا إذا كان الإطلاق مبنيا على معناه الحقيقي أعني السّبق و أمّا لو كان مبنيّا على ملاحظة لازمة أعني مجرّد الحركة بأن جعل المعنى الّذي أطلق باعتباره على الحضور أو الانتقال المذكورين هي الحركة كان نسبته إلى الذّهن أولى من نسبته إلى المعنى كما لا يخفى على المتأمّل و جعل شارح المختصر علامة الحقيقة أن لا يتبادر غيره إلى الفهم و في المنية أن علامة المجاز عدم سبق المعنى إلى الذّهن و ما فعلناه يوافق كلاّ منهما في إحدى العلامتين لا في مجموعهما و هو أحسن إذ يرد على ما ذكره الشارح المجازات الّتي حقيقتها مجهولة لأنّها لا يتبادر غيرها إلى الفهم لعدم العلم بالوضع لا يقال الكلام في علامة الحقيقة التي يعتبر فيها الاستعمال و اللّفظ المستعمل لا يخفى حقيقة عند الكلّ لأنّا نقول هذا و إن كان نادرا إلا أنّه أمر ممكن و لو كان غير واقع و محافظة الحدود عن الخلل الممكنة لازمة و يرد على ما في المنية أيضا الحقيقة المجهولة لأنّه لا يتبادر إلى الذهن عند سماع اللّفظ مضافا إلى سلامة ما ذكرنا من الإشكال الّذي أورده الآمدي في محكي الأحكام في المقام و عدم سلامتها إلاّ بتوجيهات و تكلّفات و تعسّفات و هو النّقض بالمشترك المستعمل في المعنى المجازي فإنّه يصدق عليه أنّ غيره لا يتبادر لأنّ المشترك لا يتبادر منه شي‌ء من معانيه عند عدم القرينة مع أنّه مجاز و بالمشترك المستعمل في أحد معنييه فإنّه لا يسبق إلى الذّهن فيكون مجازا بمقتضى تحديد النية و أمّا ما ذكرنا عن الإشكالين من غير تعسّف و تكلّف فواضح لأنّ العلامة لا تجب أن تكون جارية في جميع الحقائق كما لا يخفى و ثبوت الوضع في المشترك بالنسبة إلى كلّ من معانيه و عدم تحقّق التّبادر غير ضائر و كذا عدم ثبوت علامة المجاز أعني تبادر الغير في مجازات المشترك مضافا إلى أن المشترك يتبادر منه جميع المعاني تبادرا معتبرا في الدّلالة الوضعيّة أعني مجرّد الانتقال الذهني كما نبّهنا عليه في تعريف الوضع (و أمّا ما أجاب به) الشّارح في المقام من أنّ المتبادر هو أحد المعاني بعينه و إن لم نميّزه في إرادة المتكلّم و هو حقيقة فيه ففيه أوّلا أنّ النقض يلاحظ حينئذ بالنّسبة إلى غيره فإنّه معنى حقيقي مع عدم كونه متبادرا و ثانيا أنّ ذلك موقوف على توقف الدّلالة على الإرادة و عدم جواز إرادة المعنيين مثلا في استعمال واحد و ستعرف فساد الأوّل و الخلاف في الثّاني مع كون اعتبار هذه العلامة غير خلافيّة (فإن قلت) يرد على ما بنيت في المشترك من كون المتبادر منه جميع المعاني انتقاض علامة المجاز لأنّه يصدق على كلّ واحد من معانيه أن غيره يتبادر فيلزم أن يكون مجازا و هو باطل (قلنا) بطلان اللاّزم ممنوع لأن كلّ واحد من المعاني مجاز بالنّسبة إلى الآخر و من هنا يندفع إيراد آخر و هو لزوم كون كلّ واحد من معاني المشترك حقيقة لكونه متبادرا و مجازا لتبادر غيره مع أنّهما متضادان وجه الاندفاع أن الحقيقة و المجاز يختلف باختلاف الحيثية فكلّ من المعاني حقيقة بملاحظة ما يخصّه من الوضع و مجاز بالنّسبة إلى الوضع المختصّ بالآخر (فإن قلت) قد منعت فيما سبق جواز كون المشترك مجازا في بعض معانيه بعلاقة الآخر فكيف تلتزم هنا بكونه مجازا بالنّسبة (قلنا) المراد بكونه مجازا هنا كونه خلاف الموضوع له و الممنوع سابقا لاتصافه بالاستعمال المجازي و قد يذبّ عن السّؤال الأوّل بأنّ تبادر الغير مع عدم التبادر علامة للمجاز لا مطلقا و مرجعه إلى الجمع بين القولين المتقدمين في علامة المجاز و هو مبني على القصور عن إدراك معنى العلامة لأنّ تبادر الغير في نفسه دليل عقلي على كونه مجازا بالنّسبة إلى ذلك الغير فكيف يعقل توقف دلالته على شي‌ء آخر و أملى الداعي إلى هذا القيد حسبان امتناع كون المعنى حقيقة و مجازا بالنّسبة إلى لفظ واحد و قد عرفت فساده فكيف كان فلا ريب و لا إشكال أن سبق المعنى إلى الذّهن من اللّفظ المجرّد دليل علميّ على الوضع بعد عدم المناسبة الذاتية لاستحالة الترجيح بلا مرجّح و

انحصار التّرجيح في الوضع و قد أورد على هذه العلامة إشكالان (أحدهما) أنّها علامة دوريّة لأنّ نسبة اللّفظ إلى جميع المعاني عند الجاهل بالوضع سواء فيستحيل سبق بعضها دون بعض إلى ذهنه فالسّبق المذكور يتوقف على العلم بالوضع كما يتوقف هو عليه و ما قيل من إمكان سبق المعنى‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 71
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست