responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 7

ما يقتضيه لفظ العلم و التزام عدم اختلال التعريف و بين فساده و من الواضح عدم أولوية الأول عن الثاني بل الأمر بالعكس لوجوب متابعة الظواهر قبل ثبوت الصارف بخلاف تصحيح الحد فإنه ليس يندرج تحت أصل يقتضيه و إلا انسد باب الإيراد على الحدود و لزم تصحيحها بالحمل على أي معنى ينطبق على المحدود و إن كان مرجوحا فاقدا للقرينة و هو كما ترى فإن قلت تفسير العلم بالتصديق يوجب استدراك ذكر الأحكام لوضوح عدم تعلق العلم بمعنى التصديق إلا بالحكم فيجب تفسيره بالإدراك كما فعله جماعة محافظته لقيود التعريف عن الاستدراك قلت لا كراهة في حمل اللفظ على المعنى المجازي مع ما فيه من وجوه البشاعة المشار إليها التي منها ارتكاب التضمين لأجل التعدية بالباء فرارا عن كون القيد توضيحيا مع غلبته في غير الحدود و عدم ندرته فيه خصوصا إذا كان التوضيح مقرونا بفائدة كما في المقام و هي عدم إمكان توصيف العلم بالشرعي على وجه ينطبق على تصديقات الفقيه إلا بتكلف ركيك في النسبة كما لا يخفى‌

[الكلام في بيان المراد من الأحكام المذكورة في التعريف‌]

(و الحكم) في اللغة بمعنى الإلزام و التصديق المقرون بالبيان و هو الإخبار و منه قوله تعالى‌ وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ* لا مطلق التصديق كما ذكره غير واحد و إن كان محتملا لكن الأول أقرب باستعمالاته العرفية فإن صدق الحكم على مجرد الإذعان القلبي عرفا لا يخلو عن خفاء و النسبة الجزمية و المسائل و المحمول المنتسب و الحق أنها بمعنى الخبرية لأن الخبرية إن أريد بها مجرد النسبة المرددة بين الثبوتية و السلبية فعدم صدق الحكم عليه واضح و إن أريد بها النسبة الثبوتية و السلبية فمرجعها إلى المحمول المثبت لأن القيام الثابت لزيد و ثبوته له بمعنى و إن أمكن الفرق بينهما باللحاظ و أما المسائل فإن أريد بها مجموع القضية فعدم كونه حكما معلوم و إن أريد بها المحمول المنتسب فهو الذي قلنا إن مرجعها إلى معنى واحد و هو مضمون القضية فإن إطلاق الحكم على مضامين الأخبار شائع و جعل منه غير واحد من الفقهاء قوله (عليه السلام) خمسة أشياء يجب الأخذ فيها بظاهر الحكم و في اصطلاح الفقهاء و الأصوليين فسره الغزالي بالخطاب إلى آخره و البهائي (رحمه الله) بالأحكام الخمسة على نحو الاشتراك اللفظي أو المعنوي و ظاهر جماعة هو الثاني و يشكل بعدم الجامع القريب بينهما كما لا يخفى و الأحكام الوضعية على الاحتمالين و إن كان ظاهر الكل أو الجل فيها هو الثاني كما يفصح عن ذلك اختلافهم في حصرها في الخمسة أو العشرة و عدم الحصر و فيه الإشكال المتقدم و قد يطلق على ما يعم التكليفية و الوضعية و يلزم على القول بالاشتراك المعنوي في الموضعين القول بوضع الحكم لهذا المعنى العام لأن الجامع بينهما ليس بأبعد من الجامع بين التكليفية أو الوضعية كما لا يخفى و كيف كان فالمراد بالحكم في التعريف ليس هو المعنى الأول كما هو واضح و لا المعنى الثاني و إن زعمه المحقق الشريف لأن علم الفقيه بتصديقات نفسه و بتصديقات الشارع ليس من الفقه جدا إلا بعد الالتزام بخروج هذا العلم عن حد سائر العلوم المعلوم كونها عبارة عن العلم بمسائلها المعهودة أو ملكاتها مع أن قيد عن الأدلة إن رجع إلى العلم لم يستقم لوضوح عدم كون علم الفقيه بتصديقاته أو بتصديقات الشارع مستفادا من الأدلة بل المستفاد منها تصديقات الفقيه بمصدقات الشارع كذا قيل و فيه تأمل (و التحقيق) أن تصديقات الشارع غير مرتبطة بالأفعال كما سنشير إليه فالعلم بها ليس علما بما يعرضها من الأحكام و يمكن تصحيح التعريف على هذا التفسير بتكلفات ركيكة أشار إلى بعضها المدقق الشيرواني في الحاشية و هو أن يجعل الباء سببية ليرجع إلى أن الفقه هو التصديق الحاصل بسبب تصديقاتها المعهودة الشرعية و أما النسب الخبرية فقد فسرها بها جملة من أهل التدقيق و التحقيق لأجل مناسبة ذلك للعلم بمعنى التصديق و أورد عليه تارة بعدم حصول التعريف حينئذ لمعرفة مثل قوله تعالى‌ أَقِمِ الصَّلاةَ* من النسب الإنشائية فيختل عكسا و أخرى بخروج معرفة الموضوعات المخترعة أيضا كالصلاة و نحوها مع أن معرفتها وظيفة الفقيه و أجيب عن الأول بأن النسبة الإنشائية تتبع نسبة خبرية لا محالة فإن طلب الشارع للفعل يوجب اتصافه بالمطلوبية فيندرج العلم بها تحت التعريف باعتبار الثاني و عن الثاني بأنه إن أريد من معرفة الموضوعات الشرعية تصورها فلا ضير في خروجها لأن تصور الموضوع من المبادئ فالعلم بها بهذا المعنى خارج عن العلم جدا و إن أريد بها التصديق بصحة حدود تلك الموضوعات فخروجها بهذا الاعتبار ممنوع لاشتمالها على النسبة حينئذ و لا غائلة فيه بناء على عدم حصر الأحكام الوضعية بل يجب مراعاة دخوله لكون العلم بتلك النسبة علما بالحكم الوضعي الشرعي هذه خلاصة ما هو المستفاد من ظاهر كلامه و أنت خبير بأن صحة الحدود عبارة عن انطباق لحاظ المحدود تفصيلا على ملاحظته إجمالا و ليس مرجع ذلك إلى نسبة خبرية يتعلق بها التصديق كما أن فساد التحديد عبارة عن عدم انطباق اللحاظين و لعل نظره إلى صورة التحديد فإنها تنتظم على قضية لفظية صورية كما يقال الإنسان حيوان ناطق فزعم صلاحيته للإذعان بالصحة و السقم لذلك و هو سهو باتفاق أهل التحقيق على عدم اشتمال هذه القضية الصورية على النسبة الخبرية و أنها تنحل إلى الجمع بين اللحاظين لا إلى الإذعان بثبوت شي‌ء لشي‌ء كيف و الضرورة قاضية بمغايرة المحكوم عليه و المحكوم به حقيقة (و التحقيق) أن ما زعمه الجماعة من تفسير الأحكام بالنسب الخبرية و إن كان مناسبا للعلم لكنه بعيد عن النظر الصحيح لأن الفقه عبارة عن العلم بما يتعلق بأفعال المكلفين و النسب الخبرية الشرعية سواء كانت توقيفية مثل ما

يتعلق بأوضاع الآخرة و أحوالها كقوله الصراط حق و الجنة كذلك و ما يتعلق بأوصاف‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 7
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست