responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 6

الاعتبار الثاني فلا وجه له غير ملاحظة استعمال الفهم غالبا خصوصا في ألسنة أهل التصنيف و التأليف في إدراك غرض المتكلم فتوهم لذلك اعتبار هذه الخصوصية في أصل مفهومه اللغوي أو العرفي و هو كما ترى و أضعف من الفرقين تفسيره بالإدراك المطلق فإن التصور ليس بفهم جدا كما أنه ليس بعلم لغة و عرفا و في اصطلاح علماء المتشرعة عبارة عن العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية و هذا هو المشهور في حد الفقه الاصطلاحي و لو بزيادة بعض القيود في بعض الكتب كالزبدة و هو قوله فعلا أو قوة و لعل الاحتياج إلى هذه الزيادة غير ثابت على ما يأتي الإشارة إليه‌

[الكلام في بيان المراد من لفظ العلم المذكور في التعريف‌]

(و العلم) له إطلاقات التصديق الجازم المطابق الثابت على إشكال ضعيف في اعتبار الثاني و قوي في الثالث و هذا معناه العرفي و اللغوي و قد يتضمن معنى الشعور فيتعدى بالباء و إلا فهو متعد بنفسه يقال علمته و علمت به بمعنى شعرت به و هذا الإطلاق أيضا كثير و لا تجوز فيه و إن قلنا بأن بعض أقسام التضمين يرجع إلى التجوز في المضمن فيه و الإدراك المنقسم إلى التصور و التصديق و عليه جرى اصطلاح أهل الميزان و المعقول بل قيل إنه من إطلاقاته العرفية الشائعة و جعل منه قوله تعالى‌ وَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها و فيه تأمل (و ملكة) التصديق و هذا الإطلاق شائع عند الإضافة إلى أحد العلوم المدونة كقولهم علم النحو و علم الكلام و قولهم فلان يعلم النحو و قد يجعل منه ما ورد في حق الأئمة الطاهرين من أن الله تعالى علمهم علم ما كان و ما يكون بدليل استدراك قيد العلم لو كان المراد التصديق الفعلي إذ يكفي حينئذ أن يقال علمهم و ما كان و بذلك يدل الحديث على كونهم عالمين بالقوة لا بالفعل إلا أن يجعل لفظ العلم المفعول المطلق و مطلق الملكة أي القوة القابلة للفعلية كما في صورة إضافته إلى الصناعات مثل الخياطة للثوب كما يقال فلان يعلم الخياطة فإن الخياطة لا يتعلق بها التصديق فعلم الخياطة مراد به ملكتها أو القوة التي يقتدر بها على فعلها كذا استظهر بعض المحققين و فيه نظر لأن مجرد الملكة أي القوة لا يطلق عليها العلم فلا يقال علم العدالة و علم التجارة و أما قولهم فلان يعلم الفقه فالمراد أنه يعرف القواعد التي لا بد منها في تلك الصنعة و لذا لا ينسب إلى الأفعال الفطرية التي لا تتوقف على بعض القواعد فلا يقال علم الأكل أو فلان يعلم الأكل و أمثالها فافهم (و المسائل) كما قيل و منه إطلاق العلم على العلوم المدونة كما يقال النحو علم يعرف به إلى آخره بناء على كون أساميها موضوعة لمسائلها لا لملكات تصديقها و إلا رجع إلى الثالث و الإنصاف عدم معلومية استعماله في نفس المسائل المراد بها المحمولات المنتسبة أو مجموع القضية لأن البناء المشار إليه مع كونه خلاف المشهور حيث زعموا أن أسامي العلوم موضوعة لملكاتها ليس بمستلزم لإرادة المسائل بالمعنى المشار إليه منه لإمكان إرجاعه إلى الإطلاق الأول بإرادة التصديقات المعهودة و كيف كان فلفظ العلم ليس منزلا على الإدراك المطلق كما زعمه جماعة منهم صاحب المعالم في ظاهر كلامه لأنه مبني على اصطلاح أهل الميزان و اللفظ لا يحمل على غير عرف المتكلم إلا لضرورة معدومة في المقام مع أنه لو أريد به الإدراك تناول التصورات و معلوم أن الفقه تصديق لا تصور و غاية ما يقال إن القيود المتأخرة تكفي مؤنة إخراجها عن الحد و فيه أن المطلق عند المشهور على ما نسب إليهم مجاز في المقيد حتى في القيود المتصلة فيثبت المطلوب و هو كون المراد بالعلم خصوص التصديق و هذا هو عين حمل العلم على التصديق بالأخرة مع ارتكاب مجازين أحدهما حمل العلم على مطلق الإدراك أولا كما بينا ثم تقييده بالعلم التصديقي ثانيا على المشهور اللهم إلا أن يصار إلى ما هو المختار من عدم كون التقييد مطلقا خصوصا في المتصل مجازا فيستراح عن التجوز الثاني فافهم كل ذلك مضافا إلى غناء العلم بمعنى الإدراك في التعدي عن حرف الجر و تضمين معنى الإشعار حينئذ سبك مجاز عن المجاز كما لا يخفى و لا على المعنى الأخير أعني المسائل كما هو واضح و أما الملكة فقد فسره بها جماعة من المتأخرين لكن الظاهر من كلام جملة من المتقدمين تفسيره بالتصديق و هو الأظهر لأنه معناه المتبادر منه المعروف في العرف و اللغة و أما الملكة فهي و إن صح إرادتها في المقام لكنه لا ضرورة داعية إليه (توضيح) ذلك أن إطلاق العلم على ملكة التصديق إما مبني على تنزيل القوة القريبة بمنزلة الفعل تسامحا كما أشرنا إليه آنفا حتى يكون حقيقة ادعائية مثل سائر المسامحات العرفية أو مبني على التجوز بعلاقة السببية مثلا و إلا فلفظ العلم ليس مشتركا بينها و بين التصديق حتى يكون من لغات الأضداد ضرورة تقابل القوة و الفعل و على التقديرين فلا بد من نصب قرينة صارفة و لا قرينة هنا إلا ما ربما يتوهم تارة من اشتهار كون أسامي العلوم موضوعا لملكاتها و أخرى من توقف تصحيح عكس التعريف و طرده على ذلك و كلاهما غير مجدين أما الأول فلعدم الاشتهار أولا و لكذب الشهرة ثانيا لأنا لم نجد موضعا يراد فيه من أسامي العلوم الملكة إلا

و يمكن حمله فيه على إرادة التصديقات المعهودة و على تقدير الاستعمالات فلا يثبت الوضع مع الاستعمال في المسائل أيضا كما في قولهم فلان يعلم النحو ضرورة عدم صلاحية إرادة غير المسائل أو التصديقات منه في هذا الإطلاق فيدور الأمر بين الاشتراك اللفظي لعدم الجامع بين القوة و الفعل و الحقيقة و المجاز نعم إذا قيل فلان نحوي مثلا يراد به كونه ذا ملكة و لكنه من خواص النسبة و أما الثاني ففيه منع الصغرى و الكبرى لأن تصحيح التعريف طردا أو عكسا لا يتوقف على تفسير العلم بالملكة و إن زعمه جماعة كما سنبينه سننبه عليه إن شاء الله تعالى و بعد تسليم التوقف فالأمر يدور بين الخروج عن ظاهر

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 6
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست