responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 59

الثّاني داخلا تحت المجاز لزم أن يكون الأوّل أيضا كذلك مع أن فساد التّالي معلوم لعدم صدق المجاز عليه بل لا يشاركه في الحكم أيضا فلو شككنا في أنّ المقصود من الكلام إفادة الحكم أو لازمه فليس هنا أصل يرجع إليه كما لو شككنا في صدق الكلام و كذبه نعم إذا شككنا في القسم الأوّل و أنّ الكلام مسوق لإفادة المعنى أو لإفادة اللاّزم فالأصل هو الأوّل كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى فالثاني داخل في حكم المجاز و خارج عن حدّه بخلاف الأوّل فإنّه خارج عنهما فالأظهر في حسم الإشكالات على وجه جامع بين الكلمات ما اخترنا في تفسير الاستعمال و أنّ المقصود بالإفادة غير المستعمل فيه يتحدان و يتفارقان بتعدّد الأوّل دون الثّاني‌

تنبيهات‌

الأوّل‌

إذا قامت قرينة على عدم إرادة المعنى الموضوع له لا أصالة و لا وصلة إلى الانتقال إلى اللاّزم مثل قوله فلان طويل النجاد إذا لم يكن له نجاد أو ممدود الظلّ في مقام بيان شجاعته أو علوّ شأنه و رفعة قدره فالظّاهر خروجه عن الكناية المصطلحة لوجوب محافظة إرادة المعنى الحقيقي و لو صورة في جميع أقسامها كما اتضح فما ذكره التفتازاني من كونه كناية مبني على ما إذا أريد معنى الحقيقي و صلة إذ قد عرفت في الجواب عن الإشكال الثاني إمكان ذلك و أن الممتنع كون طول النجاد مراد بالأصالة نعم الظّاهر عدم كونه مجازاً أيضا لا في الكلمة و لا في الكلام و لاستعمال كلّ من الألفاظ فيما وضعت له حتى المركب على القول بوضعه للإسناد لأنه قد استعمل في محلّه فهو إمّا مجاز في الإسناد أو حقيقة ادعائية نظير قوله (عليه السلام) أنشبت المنيّة أظفارها

الثاني‌

أنه يجوز استعمال الكلمة كناية عن معنيين أو أزيد إذا كان بينها و بين الموضوع له المناسبة المصحّحة لها عند أهل اللّسان فليس كاستعمال اللّفظ في المعنيين على القول بمنعه لأنّ حقيقة الكناية و ما شابهها ترجع إلى الأغراض و الدّواعي الباعثة على الكلام المصدري لا إلى استعمال اللّفظ في المعاني المتعدّدة و هل يتوقف جوازها على ترخيص الواضع كما هو الحال في استعمال اللّفظ في المعاني المجازية فلو كني عن معنى غير معهود بين أهل اللّسان نوعا أو صنفا كان غلطا من الاستعمال أم يجوز الكناية عن كلّ معنى بدا للمتكلّم صرّح بعض المحققين بالثّاني و فيه نظر لأنّ وضع المحاورات من الحقائق و المجازات و الكنايات و نحوها كلّها على مجاري العرف و العادة و إن لم يلزم بلوغ الآحاد أو التّخصيص من الواضع و بالجملة الفرق بينها و بين المجازات مشكل‌

الثالث‌

أنّه كما يقصد في الإخبار إفادة غير المستعمل فيه فيختلف المقصود و المستعمل فيه مثل بعض أقسام الكناية و مثل الكلام المسوق لإفادة لازم الحكم كذلك يقصد في الإنشاء التّوصل إلى غير الموضوع له الّذي استعملت فيه الكلمة فيستعمل صيغة افعل مثلا في الطّلب و يكون المقصود منه حصول شي‌ء غير المطلوب فهذا أيضا حقيقة لغوية و إن كان ملحقا بالمجاز في الافتقار إلى القرينة كما هو الشأن في الأوامر الابتلائية و بعض أوامر التقية على أحد الوجهين و أقواهما بل يمكن إرجاع أكثر ما ذكروه لصيغة افعل من المعاني العشرة أو أزيد إلى حقيقتها اللّغويّة و هي الطّلب بأن يكون الاختلاف بينها في المقصود لا في المستعمل فيه كما عرفت و سيجي‌ء إن شاء الله تعالى لكن هذا موقوف على كون الطّلب غير الإرادة و إلا فالاختلاف في موارد استعمالها حاصل في نفس المستعمل فيه دون الغرض و مثل صيغة افعل أدوات سائر الإنشاءات و أسمائها فيمكن إبقاء الاستفهامات و الترجيات الواقعة في القرآن كلّها على حقائقها اللّغويّة بأن يكون الفارق بين الاستفهام الحقيقي و غيره هو الغرض دون المستعمل فيه و هكذا الترجي و بذلك يستغنى في دلالة آية التّحذير على وجوب الحذر عمّا ارتكبه صاحب المعالم و غيره من الحمل على الطّلب الوجوبي لكونه أقرب المجازات بعد انسلاخ لعلّ عن الترجي و سيأتي تتمة الكلام في بابه إن شاء الله تعالى‌

الرّابع‌

أنّه لا شبهة في أنّ الأصل في الكلام عدم كونه مسوقا على وجه الكناية فلو دار الأمر بينها و بين سوقه لإفادة معناه الحقيقي حمل على الثاني و إن لم يكن في الأوّل تجوّز لأنّ وجوه مخالفة الأصل في الكلام ليست منحصرة في الأمور الرّاجعة إلى التصرّف في معاني الألفاظ فالكناية و المبالغة بأقسامها و التقية و السّهو و النّسيان و سائر وجوه خلاف الأصل الغير الراجعة إلى التصرف في الألفاظ كلّها محتاجة إلى الدّليل الذي لولاه لحمل الكلام على خلافها بلا دليل لاستقرار طريقة العرف و العقلاء على ذلك فليس احتمال الكناية مثل احتمال الكذب في الكلام فإنّ احتمال الكناية مدفوع بالأصل عند عدم القرينة بخلاف احتمال الكذب و ما قيل من أنّ مدلول الكلام هو الصّدق و أن الكذب احتمال عقلي يراد به غير ما يقضى به ظاهره من السّخافة فلو دار الأمر بين الكناية المقصود بها إفادة الملزوم و اللاّزم معا و بين المجاز فالكناية أولى و لو دار الأمر بين الكناية المقصود بها اللاّزم خاصّة و بين المجاز ففي ترجيحها على المجاز اتباعا لأصالة الحقيقة أو التوقف لمعارضتها بأصالة انسياق الكلام إلى إفادة المستعمل فيه وجهان كالوجهين فيما إذا دار الأمر بين المجاز و كون الكلام سهويّا غير مقصود به الإفادة أصلا إلاّ أنّ الأظهر في الثاني تقديم أصالة عدم السّهو على أصالة الحقيقة بل الظّاهر تقديم كلّ أصل يرجع إلى جهة الكلام على كلّ أصل يرجع إلى ألفاظه و لذا يجعل امتناع إرادة الحقيقة بقرينة مانعة عنها دليلا على إرادة المجاز فلو لا وجوب المحافظة على الأصول الجهتيّة عند كافة العرف لم يتجه ذلك كما لا يخفى على المتدرب و أيضا لو لم يبن علي تقديم الأصول الجهتيّة انسدّ باب التخصيص و سائر أبواب التصرّفات اللّفظية المتعارفة في المحاورات بين أهل اللّسان لأنّ التصرّف في جهة الخاصّ مثل حمله على وجه الإكراه أو الخوف أو التقية أو السّهو أو النّسيان أو التعريض‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 59
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست