responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 56

للمتأمّل المتتبّع و المراد باللّفظ ما يعم المادة و الهيئة و المفرد و المركب بناء على ثبوت الوضع للمركبات و خرج بقيد الحيثية اللّفظ المستعمل في الموضوع له المهجور مع القرينة لأنّه مستعمل في ما وضع له لكن لا من الحيثية المزبورة و يمكن استدراك هذا القيد لأنّ المتبادر من الاستعمال في الموضوع له كونه كذلك في زمان الاستعمال خصوصا إذا أبدلنا قولنا ما وضع له بالموضوع له لأن المشتق مجاز فيما انقضى عنه المبدأ على التحقيق و يدفع بأنّه لو لا قيد الحيثية لانتقض التعريف بما إذا استعمل لفظ موضوع لمعنى في اصطلاح في المعنى الّذي وضع له في اصطلاح آخر فإنه مجاز قطعا مع أنه لفظ مستعمل فيما وضع له في زمان الاستعمال لكن لا من حيث إنّه موضوع له و كذا ينتقض بما إذا استعمل المشترك في أحد معنييه بعلاقة الآخر لا بملاحظة الوضع لأنّ المستعمل فيه في هذا الفرض موضوع له اللّفظ في زمان الاستعمال و من هنا يظهر أن قيد الحيثية أولى من إخراج ما ذكر بقيد في اصطلاح به التخاطب إذ لا يحصل به الاحتراز عن الفرض المزبور إلا أن يمنع صحّة هذا الاستعمال لأنّ العدول عن السّبب القوي أعني الوضع إلى السّبب الضّعيف أعني العلاقة أمر غير معهود و فيه أن جميع المجازات كذلك لأنّ العدول عن الألفاظ الموضوعة بإزاء المعاني المجازية إلى الألفاظ المجازية عدول عن السّبب القوي إلى الضّعيف لتحصيل مزايا المجاز نعم يمكن أن يقال إن الفرض المزبور ممّا لا يتعلّق به تلك المزايا في المحاورات إذ المشترك لا بدّ له من القرينة المعينة فإذا استعمل في أحد معنييه بملاحظة العلاقة لا الوضع فهذه الملاحظة لا يمكن الوصول إليها بالقرينة القائمة المعينة و نصب قرينة أخرى دالّة على الملاحظة المزبورة خارج عن حدّ قرائن التجوز لأنّ قرينة المجاز قرينة على إرادة المعنى المجازي لا على التجوّز و إن دلّت عليه بالتبع بل نصب القرينة على التجوّز يخرج الكلام عن فائدة المجاز مثلا إذا قيل ائت عينا جارية ثم قيل إن الملحوظ في هذا الاستعمال العلاقة دون الوضع نصبا للقرينة الثانية خرج عن اللّطف المطلوب في المجازات و دخل في المضحكات و أيضا فوائد المجاز إنما تترتب عليه لما فيه من الانتقال من المعنى الحقيقي إلى المعنى المجازي باعتبار القرينة الصّارفة و ليس ما نحن فيه كذلك فافهم فلا وجه للعدول من قيد الاصطلاح الّذي اعتبر القوم إلى قيد الحيثية كما فعل بعض الأجلّة

و أمّا المجاز

لغة فهو مفعل من جاز بمعنى تعدّى نقل أولا إلى الجائز بعلاقة الكلّ و الجزء (ثمّ) إلى المعنى الاصطلاحي المقابل للحقيقة كذا قيل و ظاهر التفتازاني هو النّقل إلى المعنى الاصطلاحي خاصة و هو مطابق للأصل مع عدم قيام شاهد على النّقل الأول و يعلم حدّه بالمقابلة بعد جعل المقسم الاستعمالات الصّحيحة لأن الاستعمال الصّحيح إذا لم يكن على وجه الحقيقة فلا بدّ أن يكون على وجه المجاز هذا هو الكلام في تحديد الحقيقة و المجاز

بقي الكلام في الكناية

و ما يشبهها من أنواع المبالغة و البلاغة فقيل إنها قسم ثالث واسطة بينهما عند البيانيين دون الأصوليين و فيه أن مغايرة اصطلاح الأصولي في لفظي الحقيقة و المجاز لاصطلاح البيانيين و سائر علماء الأدب غير ثابتة بل الظّاهر الاتحاد لأنّ تعريف الأصوليين لهما عين ما عرّفهما به البيانيّون كما لا يخفى على المتتبع نعم الأنسب بمقاصد الأصوليين جعل الكناية قسما من المجاز لأنّ غرضهم من تقسيم اللّفظ إلى الحقيقة و المجاز تمييز ما هو الأصل في الاستعمال عن غيره حتّى ينفع في الاستعمالات الخالية عن القرائن فكلّ ما يجري على خلاف الأصل في الاستعمالات فالأنسب إدراجه في المجاز المصطلح حقيقة لا حكما سواء كان المستعمل فيه هو المعنى الموضوع له أم لا لكن في تعريفه قصور عن التناول له بناء على ما ستعرف من أن الكناية لفظ مستعمل فيما وضع له فيختل تعريف كلّ من الحقيقة و المجاز (و أمّا) البيانيون فمنهم من جعل الكناية قسما من الحقيقة و هو ظاهر تلخيص المفتاح و منهم من جعلها واسطة بينهما و هو صريح محكي المفتاح قال المراد بالكلمة المستعملة إمّا معناها وحده و إمّا غير معناها وحده أو معناها و غير معناها و الأوّل الحقيقة و الثاني المجاز و الثالث الكناية و الحقيقة و الكناية يشتركان في كونهما حقيقتين و يفترقان في التّصريح و عدم التصريح و يمكن إرجاع عبارة التلخيص إلى ذلك و هو مرضي التفتازاني إلا أنه جوز في الكناية خلوّها عن إرادة معناها الحقيقي لصحّة قولنا فلان طويل النجاد و إن لم يكن له نجاد بل هو ظاهر التلخيص أيضا حيث فسّرها بلفظ أريد به لازم معناه مع جواز إرادته معه فإنّ لفظ الجواز صريح في عدم التعيين و يمكن حمل ما سمعت من المفتاح على ذلك خصوصا مع ملاحظة ما ذكره من عدم إرادة المعنى صريحا في الكناية فإنه مبني على كون المقصود الأصلي من الكناية إرادة اللاّزم و أن إرادة المعنى مقصودة تبعا و حينئذ فيطابق الكلمة في أنّ الكناية قد يراد به المعنى الحقيقي و المجازي معا و قد يراد به المعنى المجازي خاصّة و إلى ذلك يشير قولهم في مقام الفرق بينهما و بين المجاز أن المجاز ملزوم لقرينة معاندة لإرادة المعنى الموضوع له دون الكناية يعني أن الكناية لما كانت جامعة بين الحقيقة و المجاز دائما أو أحيانا لم تكن ملزومة للقرينة المعاندة و إلا فيتعيّن أن يراد بها خصوص المعنى اللاّزمي المجازي فيخرج عن إفادة الغرض الكنائي (قلت) إذا عرفت هذه الكلمات فيرد على ظاهرها إشكالات (الأوّل) أن استعمال اللّفظ في المعنى الحقيقي و المجازي غير صحيح عند الأكثر فكيف يراد بالكلمة الواحدة معناها و غير معناها في الاستعمال الواحد كما صرّح به صاحب المفتاح و ارتضاه التفتازاني و ليس ذلك مبنيا على جواز استعمال اللّفظ في أكثر من معنى لأنه على تقدير جوازه غير واقع أو داخل تحت الكلام الغير الفصيح و الكناية مع كثرتها من طرق الفصاحة و البلاغة (و الثّاني) أن الكناية إذا كان المراد بها خصوص‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 56
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست