responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 52

أوضاع المفردات و أوضاع الحركات في إفادة المقصود عن التزام وضع آخر هذه خلاصة ما في المنية من الاستدلال (أقول) فيكون ارتكاب وضع آخر أمرا مستدركا كما لا يصحّ صدوره من الواضع مضافا إلى انسداد باب العلم أو الظنّ بمثل هذا الوضع بعد عدم مساعدة الاستعمالات أهل اللّسان له و لا الأمارات الّتي يستعمل في إثبات الأوضاع اللّغوية لأنّ غاية ما يقال هنا إنّ المتبادر من جملة زيد قائم مثلا ثبوت القيام له فتكون موضوعة لإفادته و فيه منع دلالة التبادر على ثبوت وضع مغاير لوضع المفردين مع ما بهما من اللواحق للهيئة التركيبية لأن وضعها يكفي في دلالتها على ثبوت النّسبة فمتى علم السّامع بوضع المفردات و وضع الحركات للنّسب و ارتسمت في ذهنه معانيها انتقل ذهنه إلى النّسبة و قد يستدل على ثبوت الوضع بأن المركبات تستعمل في معاني مختلفة بعضها يحتاج إلى القرينة دون الآخر و ذلك آية كونها موضوعة لذلك المعنى الّذي لا يحتاج إلى القرينة مثلا الجملة الاسمية لو خليت على حالها دلت على الإخبار فقد تستعمل في الإنشاء و إظهار التحزن و التذلّل و التحسّر و التخشّع و الضّعف كقول اللّه أكبر في مقام إظهار التعجّب و لا إله إلاّ اللّه عند البكاء و التحزن و أنا عبدك في مقام التذلل و عليل في جواب العارف بحال القائل السّائل عن حاله و نحوها (و أجيب) عن ذلك بأن الدّلالة على النّسبة من مقتضيات وضع المفردين و الحركات الموضوعة للدّلالة على الربط و سائر الفوائد إنّما يحتاج إلى القرينة لكونها اعتبارات زائدة عمّا يقتضيه أوضاع المفردات و الحركات فتبادر الإسناد من نفس الجملة لا يقتضي بوضع آخر لها غير وضع المفردات كما أنّ احتياج إفادة الفوائد المزبورة إلى القرينة لا يستلزم التجوز في المفردات و لا في الجملة إلا إذا لم يقصد من المفردات معانيها الحقيقية كما في قوله أنا عبدك فإنّ المراد بالعبد لازمه (قلت) الإخبار و الإنشاء معنيان متضادان و ليس أحدهما اعتبارا زائدا على الآخر و لا يجتمعان في مورد واحد و من الواضح أن وضع المفردات لا يقتضي شيئا منها فالإخبار في الجملة الاسميّة مستند إلى وضع المركب ثمّ قال (فإن قلت) إنّ الإسناد الحاصل في الجمل الاسميّة الخبريّة مما يدلّ عليه صريح العبارة مع أن أوضاع المفردات مما لا يدلّ عليه فليس ذلك إلاّ من جهة التركيب (قلت) ليس ذلك من جهة وضع المركب و إنما هو من جهة الطّوارئ الواردة على الكلمة إذ الظّاهر أن الأعاريب الواردة على تلك الكلمات هي الموضوعة بإزاء النّسب و رابطة بين الموضوع و المحمول و كذا سائر الارتباطات الحاصلة بين الكلمات إنما يستفاد من الأعاريب الواردة عليها انتهى مهذبا و ملخّصا (أقول) الظاهر أن السّؤال غير مدفوع بما ذكره في الجواب لأنّ أوضاع المفردات بنفسها غير كافية في إفادة النّسب باعترافه و كذا أوضاع الحركات بعد انضمام الألفاظ بعضها ببعض ضرورة عدم كفاية مطلق الضم بل لا بدّ في الضمّ من محافظة الطّرق المعهودة بين أهل اللّسان كتقديم المبتدإ و الفعل و نحوهما فالتركيب أي الترتيب على وجه مخصوص معلوم المدخلية في الدلالة على النّسب و لا ريب أن المدخلية في الجملة كافية في ثبوت الوضع للهيئة بل قد يقال إن الحركات إنما وضعت لتماميّة الكلمة و صحة استعمالها لا للدلالة على النّسب إذ يبعد التزام ألف وضع للتنوين وضع للفاعل و وضع للمبتدإ و وضع للخبر إلى غير ذلك من الموارد الّتي وظيفتها تنوين الاسم فيها فالظاهر أنّ معنى قول علماء العربية حق الفاعل الرفع مثلا أن الفاعل لا بدّ أن يكون مصحح استعماله و متمّمه هو الرّفع لا أنّ الرفع وضع للدّلالة على نسبة الفعل إلى فاعله و بينهما من الفرق ما لا يخفى فالأظهر أن الهيئات التركيبية لها مدخلية في إفادة النّسب بل هي مستقلة بالدلالة و الأحوال الإعرابيّة شرائط لاستعمال الألفاظ الموضوعة و ليست بموضوعة للدّلالة على النسب نعم الظاهر أنّ هذه المدخلية ليست بتعيين الواضع بل باستقرار طريقة المتحاورين و بنائهم على الكيفيات المخصوصة عند التعبير عن المراد باستعمال الألفاظ و أنت خبير بأنّ المقصود ليس إثبات الوضع للمركبات من الواضع و تعيينه بل من أيّ وجه كان هذا كلّه مضافا إلى تصريح غير واحد من علماء البيان بأن المجاز كما يتصوّر في المفرد كذلك يتصور في المركب مثل قول وليد بن يزيد مخاطبا و معاتبا لمروان أراك تقدّم رجلا و تؤخر أخرى و قول القائل أحياني اكتحالي بطلعتك و المجاز بلا وضع اتفاقي في البطلان نعم ذهب العضدي إلى أنّ المجاز في المركب يرجع إلى التجوز في المفردات و نسبه إلى المحققين و عليه بنى المجيب أيضا

حيث نزل قول من صرّح بالمجاز في المركب على ما سمعت من العضدي و شنع به على من خصّ التجوّز بالمركب دون المفردات (و التحقيق) أن المجاز في المركبات الّتي نصّ علماء البيان بكونها مجازات ليس على نسق واحد ففي بعضها يرجع إلى المفردات و في الآخر يرجع إلى الكفاية و في الثالث لا يرجع إلى شي‌ء أصلا ففي نحو قول الوليد أراك تقدم رجلا و تؤخر أخرى يرجع إلى التجوز إلى المفردات على نحو الاستعارة المصرّحة الّتي لا إشكال في كونها مجازا مثل رأيت أسدا إلا على مذهب السكاكي و ليس المقام قاضيا بتفاصيل القول فيه و من راجع إلى مظانّه علم أن ما ذكرنا مما ذهب إليه أولو البصائر في ذلك الفنّ و هكذا في كلّ مقام شبه فيه جملة بجملة فإن تشبيه المفردات يستلزم تشبيه الجملة و لعلّ المجيب نظره إلى مثل هذه الموارد و مثل المثال المتقدّم أعني أحياني اكتحالي بطلعتك يمكن فيه منع التجوز رأسا إلا في مادة الاكتحال فإنه استعارة عن الرّؤية و كذا في مثل أنبت الرّبيع البقل لأن غاية ما قيل في مجازيته إن إسناد إحياء إلى الاكتحال و إسناد الإنبات إلى البقل إسناد إلى غير من هو له (و فيه) أن المدار في الإسناد على مجاري العرف و العادة و الشي‌ء كما يسند إلى السّبب التام كذلك يسند إلى السّبب الناقص لأن المدخلية الناقصة مصحّحة عرفا للإسناد و ليس في‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 52
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست