responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 432

لا يحتاج إلى القاعدة فالاستدلال بها على الحكم الشّرعي لا يصحّ أبدا (فإن قلت) إذا كان اعتبار الظّن المحض كونه طريقا موصلا إلى الواقع و وقع التعارض بين فردين منه و كان أحدهما أقرب إلى الواقع من الآخر كانت تلك الأقربيّة مقتضية لإيجاب العمل به و النّهي عن العمل بالآخر إذا لم يكن لجواز العمل بذلك المرجوح سبب آخر لما في ترخيص العمل به بلا سبب عن نقض الغرض و اختيار المرجوح على الرّاجح القبيحين عند الشارع و هذا واضح لا سترة فيه و مقتضى الأصل عدم ذلك السّبب و بعبارة أخرى المقتضي لوجوب العمل بما هو أقرب إلى الواقع موجود و المانع و هو السّبب المسوّغ للعمل بالمرجوح غير معلوم فيدفع بالأصل (قلت أوّلا) إنّ وجود المقتضي لإيجاب العمل بالراجح ممنوع لأنّ مقتضى جعل الشي‌ء طريقا هو احتمال إصابة الواقع لا نفس الإصابة و إلاّ انتفى [امتنع‌] وقوع التعارض بين الأدلة ضرورة لزوم اجتماع النقيضين و احتمال الإصابة كما يقتضي جواز العمل بالراجح كذلك يقتضي جواز العمل بالمرجوح و مجرّد كونه راجحا و أقرب إلى الواقع لا دليل على كونه مقتضيا لوجوب العمل به و عدم العمل به بالآخر بل لنا قلب الاستدلال بأنّ المقتضي لجواز العمل بالمرجوح موجود نظرا إلى احتمال الإصابة و كون رجحان الآخر مانعا عنه غير معلوم فيدفع بالأصل حسبما قرّرنا على تقدير السببيّة و هذا لا ينافي القول بالطريقية لأن كونه طريقا إلى الواقع لا ينافي كونه سببا و موضوعا لجواز العمل به و لو بعد ملاحظة دليل التخيير فنقول إن أدلة التخيير عند التعارض كشفت عن وجود المقتضي للعمل في كلّ من المتعارضين و لو كان أصل حجيّته لمحض الطريقية فإذا وجدنا أحدهما أرجح و شككنا في كونه مانعا عن العمل بالمرجوح دفعناه بالأصل و لا يذهب عليك أنّ هذا ليس تمسّكا بإطلاق أدلّة التخيير لكنه لا يخلو عن تأمّل لمنافاته ما قدمنا من أن مقتضى الأصل التعيين إذا دار الأمر بينه و بين التخيير بناء على الطريقية فالمقام يحتاج إلى تأمّل تام لأنّه من مزال الأقدام و في الرّسالة أن أدلّة التخيير لا يكشف عن كون الخبرين المتعارضين بمنزلة المتزاحمين قال بل الأخبار المشتملة على الترجيحات و تعليلاتها أصدق شاهد على ما استظهرناه من الطريقية انتهى ملخصا و فيه إشارة إلى ما ذكرنا من عدم المنافاة بين الطريقية المحضة بالنسبة إلى الواقع و الموضوعية بالنّسبة إلى الحكم الظاهري أعني التخيير هذا و يمكن أن يقال إن أدلّة التخيير مع قطع النظر عن إطلاقها إنّما يكشف عن وجود المقتضي في كلّ من المتعارضين في الجملة و القدر المتيقن منه ما لو كانا متساويين أمّا مع رجحان أحدهما على الآخر فلا لاحتمال عدم وجود المقتضي في المرجوح أصلا فكيف يتمسّك بأصالة عدم كون الرّجحان مانعا مع قطع النظر عن إطلاق أدلّة التخيير فالأصحّ ما اخترناه سابقا و أن قلب الاستدلال قلب فاسد (و ثانيا) أن أصالة عدم المانع هنا أصل مثبت لأنّ المانع عقلي فلا يترتب عليه موضوع الرّاجح و المرجوح حتى يعمل بالقاعدة اللّهمّ إلاّ أن يدعى اعتبارها من باب الظنّ لا من باب التعبد كما هو المختار فلا ضير حينئذ في الاعتماد عليها في إثبات وجوب العمل بالراجح فالأولى الاقتصار على الجواب الأوّل أعني منع كون الرجحان مقتضيا لإيجاب العمل بالراجح‌

الرّابع‌

أنّه لو لم يعمل بأقوى الدليلين لزم تعطيل الأحكام أو تأسيس أحكام جديدة غير ما بيد العلماء و الصّحابة من السّلف و الخلف لأنه إمّا أن يتوقف في مورد تعارض الأدلّة فالأول أو يتخيّر فالثاني و بطلان التاليين ضروري أمّا الملازمة فلأن جلّ الفقه بل كلّه ثابت بتقييد المطلقات و تخصيص العمومات و سائر وجوه المجازات و كلّ ذلك من باب ترجيح أحد المتعارضين على الآخر هذا ملخّص ما استدلّ به في المفاتيح ثم أمر بالتأمل و لعلّه إشارة إلى ما في رسالة الأستاذ (قدّس سرّه) من أن التخصيص و التقييد و نحوهما من وجوه تعارض النصّ و الظاهر أو الظاهر و الأظهر خارج عن البحث لأنّ العامّ و الخاص مثلا لا يعدان من المتعارضين و الكلام في هذا المقام في غير ذلك ممّا لا يعد أحد المتعارضين فيه قرينة على الآخر (قلت) و فيه أن المقام بعد وجوب [معه يوجب‌] العمل بأقوى الدليلين سواء كان القوة في السند أو في الدلالة و يدلّ على ذلك مضافا إلى عموم معاقد الإجماعات ذكرهم المرجحات الدلالتيّة في المقام حسبما يشير إليه في الجملة و كيف يدعى خروج الترجيح من حيث الدلالة من البحث و إن أريد خروج خصوص العام و الخاص و المطلق و المقيد فمع أنّه لا خصوصيّة لهما من بين سائر وجوه الجمع بين الدليلين بل فيها ما هو أظهر و أجلى من العام و الخاص مثل نفي البأس في مقابل الأمر و النهي لا وجه لخروجهما عن المبحث و دعوى عدم صدق المتعارضين عليهما عرفا واضحة الفساد كما بيّناه بما لا مزيد عليه في المقصد الأول عند التكلم في قاعدة الجمع و على فرض تسليم خروجهما خاصّة فالمحذور أيضا باق بل لو ساعدنا على خروج مورد الجمع أيضا عن البحث و قصرناه على الترجيح بغير قوة الدلالة لزم أيضا أحد المحذورين من تعطيل الاجتهاد و بطلان الفقه رأسا و حدوث فقه جديد غير ما بيد العلماء من الأحكام لأن أكثر فتاوى الفقهاء لو لم نقل كلّها مبنية على إعمال الترجيح و تقدم بعض الأدلّة على بعض كما لا يخفى على من علم من الفقه شيئا و لعمري إنّ هذا الدليل غير ما استدلوا به في المقام كما في الكلّ في إمكان الخدشة حتى الأخبار الّتي هي المعتمد عندنا المحقق في إثبات وجوب الترجيح‌

الخامس‌

قوله تعالى‌ أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ‌ و قوله عزّ من قائل‌ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ‌

اسم الکتاب : بدائع الأفكار المؤلف : الرشتي، الميرزا حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 432
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست